ويرى الشيخ رشيد رضا في تفسيره: المنار: "أن هذا هو الأَقرب. إِذ لو أُريد بإِسرائيل يعقوب نفسه، لما كان هناك حاجة إلى قوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ﴾ لأَن زمن يعقوب سابق على زمن نزول التوراة، سبقاً لا يُشتبه فيه حتى يحترز عنه.
ثم قال: والمتبادر عندي. أن المراد بما حرمه إسرائيل على نفسه: ما امتنعوا من أكله وحرموه على أنفسهم. بحكم العادة والتقليد لا بحكم من الله. كما يعهد مثل ذلك في جميع الأُمم. ومنه تحريم العرب للبحائر والسوائب وغير ذلك. مما حكاه القرآن في سورتي: المائدة والأَنعام. . انتهى كلام الشيخ رشيد.
ولكن الراجح: أن المراد بإِسرائيل يعقوب نفسه، كالرأي الأَول. لحديث الإمام أَحمد الذي تقدم.
وفائدة قوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ﴾ أَنه لو كان الله شرع له ولبني إسرائيل ذلك، لذكر في التوراة؛ لأَنه سابق على نزولها على موسى. ولمّا اتضح أَنهم مفترون كاذبون بهروبهم من قراءَة التوراة - عقب الله الآية الكريمة بوعيد من يفتري الكذب على الله، وذلك في قوله تعالى:
يعني: فمن اختلق على الله الكذب بنسبة حكم شرعي إِليه تعالى - من بعد وضوح الحجة على أَنه ليس كذلك - فأولئك هم الظالمون لأَنفسهم بالكفر، ولمن أَضلوهم بالإِغواءِ، لأنهم يتحملون التبعة الناشئة عن اختلافهم: منهم وممن اتبعوهم. وذلك منتهى الظلم.
وما في الآية من تهديد، ينتظم كل من افترى الكذب على الله بعد ما تبين له الحق.
أَى: يا محمد، قل لليهود - بعد ظهور كذبهم فيما زعموا - ظهر صدق الله فيما أَخبر به من أَن كل الطعام كان حلاًّ لبني إسرائيل إِلا ما حرَّم إِسرائيل على نفسه، كما ظهر- صدق الله في كل ما أخبر به على لسان نبيه. . فاتبِعُوا دين إبراهيم. فقد كان علي الحنيفية السمحة. وما كان من المشركين.