للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والآية وعيد للمتفرقين. وتهديد لمن يتشبه بهم من المؤمنين.

والاختلاف المنهى عنه في الدين المنصوص عليه في الآية: إنما هو الاختلاف في الأُصول.

أما الاختلاف في الفروع. الناشيء عن الاجتهاد في فهم النصوص، فأمر ثبت على عهد رسول الله صلى الله عليد وسلم وأقره.

ومن ثمَّ، كان للمجتهد المخطيء أجر كما أن للمصيب أجرين، لأَن الاختلاف في الفروع أفسح المجال للرخص. والمسلمون بحاجة إليها.

ثم زاد الله عباده المؤمنين تحذيرًا من التفرق والاختلاف، وترغيبًا في الاتحاد والائتلاف. ببيان مآل المؤتلفين والمختلفين بقوله ﷿:

١٠٦ - ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ. . .﴾ الآية.

أي: اذكروا يوم تَبْيَض وجوه المؤمنين بما يلقونه من مبشراتٍ ونعيم وتسوَدّ وجوه الكافرين بما يلقَون نُذُر وعذاب أليم.

والمراد بياض الوجوه وسوادها: بهجتها وكآبتها. قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (٤١) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ (١).

﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾:

المعنى: أما الذين اسودت وجوههم فيقال لهم - على سبيل التوضيح - أكفرتم بعد إِيمانكم؟ فذوقوا العذاب بسبب كفركم ..

والمراد بهم: أهل الكتاب. فقد كفروا بما جاءَهم من الحق، فتفرقوا واختلفوا في دينهم، وكفروا بمحمد ، بعد مبعثه، وكانوا يؤمنون به من قبل، ويستفتحون به على الذين كفروا.


(١) عبس: من الآيات ٣٨ - ٤٢.