للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَصحابه. فقال عبد الله بن أُبي بن سلول وفريق من الأَنصار: يا رسول الله، أَقم بالمدينة ولا تخرج إليهم؛ فوالله، ما خرجنا منها إلَى عدوّ قط إلا أصاب منّا، ولا دخلها علينا عدو إلا أَصبنا منه. فكيف وأنت فينا؟ فإِن أَقاموا أقاموا بشر محبس. وإِن دخلوا علينا قاتلهم الرجال. ورماهم النساءُ والصبيان بالحجارة من فوقهم - وإن رجعوا - رجعوا خائبين.

وأشار آخرون بالخروج. فقال :

"رأيت في منامي بقرةً مذبوحة حولي فأوَّلتها خيرًا. ورأيت في ذباب سيفي ثُلَماً، فأولْته هزيمة. ورأيت كأني أدخلت يدي في درع حصينة فأوَّلتها المدينة. فإِن رأَيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم؟ ".

فقال رجال - فاتتهم بدر وأكرمهم الله بالشهادة يوم أحد - اخْرُجْ بنا إلى أعدائنا، وبالغوا. حتى دخل فلبس لامته (١) فلما رأوا ذلك ندموا على مبالغتهم، وقالوا: اصنع يا رسول الله ما رأيت. فقال :

"ما ينبغي لنبي أن يضع أداته - بعد ما لبسها - حتى يحكم الله بينه وبين عدوه (٢) ".

فخرج بعد صلاة الجمعة، وأصبح بشعب أُحد يوم السبت. ونزل في عدوة الوادي. وجعل ظهره وعسكره إلى أُحد. وسوى صفهم. وأمَّر عبدَ الله بن جُبَير على الرماة، وقال لهم: "انضحوا عنا بالنَّبل: لا يأتونا من ورائنا".

وكان عدد المسلمين ألفًا، وعدد المشركين ثلاثة آلاف: جاءُوا ليأخذوا بثأرهم يوم بدر.

١٢٢ - ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا. . .﴾ الآية.

والمعنى: اذكر يا محمد، حين همت طائفتان - وهما بنو حارثة من الأوس وبنو سلمة من الخزرج - أن تفشلا أي تجبنا وتضعفا. وكانت هاتان الطائفتان جناحَيْ عسكر المسلمين يوم أحد.


(١) لامته: درعه.
(٢) رواه الترمذي والبيهقي وابن ماجه.