للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد روى المفسرون أيضاً: أنه ، خرج في زهاءِ ألف رجل، ووعدهم النصر إن صبروا واتقوا. فلما بلغوا الشوط - بستان بين المدينة وأُحد - انخذل عبد الله بن أُبي رأس المنافقين، في ثلاثمائة رجل. وقال: عَلَامَ نقتل أنفسنا وأولادنا؟!

فتبعهم عمرو بن حزم الأنصاري وقال: أنشدكم الله في نبيكم وأنفسكم (١)، فقال ابن أُبي: لو نعلم قتالا لاتّبعناكم. فَهَمّ الحيَّانِ باتَّباعه، فعصمهم الله، فمضَوْا مع رسول الله .

والظاهر أَن الهمَّ لم يكن عزيمة، إنما هو حديث نفسي، وخاطرة خطرت، مما لا يسلم منه إنسان غالباً؛ لقوله تعالى:

﴿وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا﴾: أيْ عاصمهما عن اتباع هذا الخاطر.

ولذلك مضيا مع رسول الله .

﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾:

المراد بالتوكل: الاعتماد على الله - سبحانه - مع الأخذ بالأَسباب. وإلا كان تواكلا.

والمعنى: وعلى الله فليعتمد المؤمنون، ولا يفكروا في الفشل. فإنه سبحانه، ينصر أهل العزم والثبات من عباده المؤمنين المتوكلين. كما قال تعالى، تذكيرا ببعض ما أَفادهم التوكل.

١٢٣ - ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ. . .﴾ الآية.

أَي: ولقد نصركم الله على قريش ببدرٍ وأَنتم قليلو العدد والعدة، فقد كان المسلمون يومئذٍ ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا أو أربعة عشر، في قلة من السلاح أو المطايا. وكان عدُوُّهم ما بين التسعمائة والألف، في كثرة من السلاح والزاد والعتاد. ولو أن غزوة بدر جرت على مقاييس القوة والاستعداد - دون التوكل على الله - لكان النصر لقريش دون المسلمين. ولكن النصر جرى على سنة الله: من نصر المتقين الصابرين المتوكلين على الله، الممتثلين لأَمر قائدهم.


(١) وقيل إن الذي تبعهم وقال هذه المقالة، هو عبد الله بن عمرو- والد جابر بن عبد الله.