للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن عمير، فقتله ابن قميئة -وهو يرى أنه قتل رسول الله- فصاح قائلا. قتلت محمدًا، وصرخ بها صارخ، فسمعها المسلمون، فسرى الوهن في نفوس كثير منهم.

حتى قال بعض المستضعفين: ليت عبد الله بن أُبي يأخذ لنا أمانًا من أبي سفيان.

وقال ناس من المنافقين: لو كان نبياً -حقاً- لما قُتل … ارجعوا إلى إخوانكم وإلى دينكم.

والتقى أنس بن النضر، بالمنهزمين من المسلمين، فقال لهم: يا قوم إن كان محمد قتل فإن رب محمد حَيٌّ لا يموت، فقاتلوا على ما قاتل عليه. وموتوا كرامًا على ما مات عليه.

وشاءَ الله أن يحفظ رسوله لأُمته، وأن يظهر كذب ابن قميئة.

فنادى رسول الله : إلى عباد الله. وكان حوله - حينئذ - أبو بكر، وعمر، وعلي، وطلحة ابن عبيد الله، وجماعة من المسلمين، فأقبل المنهزمون. بعد ما سمعوا صوته ، فأَنزل الله عتابًا للمنهزمين: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ. . .﴾ إلى نهاية الآية: ﴿فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾:

والمعنى: وما محمد إلا رسول كسائر من مضى قبله من الرسل: مهمته التبليغ وإلزام الحجة. وسيمضي إلى ربه كسائر من مضى من الأَنبياءِ: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ (١)، ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ (٢).

﴿أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾:

أي توليتم مدبرين من القتال، منهزمين أمام الكفار. أو ارتددتم عن دينكم، كما وقع من بعض المنافقين.


(١) الأحزاب: ٦٢.
(٢) الزمر: ٣٠.