للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونزول المشركين من فوق الجبل عليكم، بحيث لم تأمنوا أن يهلك أكثركم.

فكأنه تعالى قال: أَثابكم هذه الغموم المتعاقبة؛ ليصير ذلك زاجرًا لكم عن الإقدام على المعصية، والاشتغال بما يخالف أمر الله تعالى.

﴿لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ﴾: هذا متعلق بقوله تعالى:

﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ﴾: أي ولقد عفا الله عنكم، بعد ندمكم وصادق توبتكم. لينتهي غَمُّكُم وحزنكم على ما فاتكم وما أَصابكم. أَو هو متعلق بقوله تعالى: ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ﴾.

قال الحسن: جعلكم مغمومين يوم أُحد، في مقابلة ما جعلتم المشركين مغمومين يوم بدر؛ لأَجل أن يسهل عليكم أمر الدنيا في أَعينكم، فلا تحزنوا بفواتها.

والأول أَولى.

والمراد بما فاتهم: النصر والغنيمة، وبما أصابهم: القتل والهزيمة.

﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾: عليم بجلائل أعمالكم ودقائقها، لا يخفى عليه من ذلك شيء. وهو يثيبكم أو يعاقبكم على ما يكون منكم. فخافوا بأسه. وارجوا ثوابه.

١٥٤ - ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا. . .﴾ الآية.

المعنى: أن الله ، أكرم المؤمنين بالنعاس. بعد ما نزلت بهم الغموم لتطمئنَّ قلوبهم، ويهدأَ روعهم فإِنما ينعس من يأْمن. والخائف لا ينام.

وقد أنزل الله عليهم النعاس بعد المعركة وهم صافون، استعدادا لما يتوقعون من كَرَّةِ العدو عليهم، بعد أَن كان متجها إلى مكة.