﴿قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ﴾: بيده مقاليد الأشياء، يقدر ويدبر كيف يشاء. وقد قضى بأن يخرج المسلمون في أَحد، وأَن ينهزموا لِحِكَمٍ يعلمها سبحانه، ويستفيدوا من درس الهزيمة، فلا يفعلوا ما يؤَدي إلى مثلها.
﴿يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ﴾: يضمرون الشرك والشك في عون الله للمسلمين، ويظهرون لك الإيمان.
﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا﴾: أي يحدثون أنفسهم، أو يقول بعضهم لبعض: لو كان لنا من الرأي والتدبير شيءٌ ما خرجنا من بيوتنا، ولَمَا قُتل منا من قتل، ولا هُزِمنا. ولكنا غُلبنا على الأَمر، فأصابنا ما أصابنا.
أي قل يا محمد؛ تنيهًا لهم إلى أن ما حدث من القتل كان تقديرًا من الله، - وما قدره الله لا بد أن يقع. حتى لو قعدوا ولم يغادر بيته منهم أحد، يوم أحد، لخرج الذين قدَّر الله عليهم أن يُقْتَلُوا إلى مصارعهم، التي قدر الله تعالى قتلهم فيها، وقتلوا هنالك ألبتة. فلا مفر من قدر الله. والتدبير لا ينفع مع التقدير.
﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ﴾: أي وليختبر الله ضمائركم وأسراركم -وهو بها أعلم- وليطهر قلوبكم من الشبهات- كتب عليكم القتال وما أَصابكم فيه.
﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾: لا تخفى عليه من سرائركم خافية. فهو يجازيكم على ما تخفون. وهو غني بعلمه إياكم من اختباركم. وإنما يفعل ذلك؛ ليميز لكم الخبيث من الطيب، فيتبين لكم المؤمن من المنافق.