للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلا من حضر يومنا بالأمس" فخرج ، مع جماعة حتى بلغوا حمراء الأسد وهي من المدينة على ثمانية أميال. وكان بأصحابه القرح، فتحاملوا على أنفسهم حتى يفوتهم الأجر، وألقى الله تعالى الرعب في قلوب المشركين. فذهبوا، فنزلت الآية (١).

والمعنى: الذين لبَّوا دعوة الله ورسوله: للخروج خلف المشركين، من بعد ما أصابهم الجرح في غزوة أُحد، ليمنعوهم من العودة إلى المدينة - هؤلاء الذي أحسنوا في خروجهم واتقوا مخافة نبيهم، وخافوا الأضرار المترتبة عليها - لهم أجر عظيم، وثواب جزيل من عند الله.

١٧٣ - ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾:

لما أُصيب المسلمون في أُحد، نادى أبو سفيان، قائد جيش المشركين: موعدنا بدر من العام المقبل. فقال : "قولوا: نعم. إن شاء الله" فلما كان العالم المقبل خرج أبو سفيان في أهل مكة، حتى نزل مَرَّ الظهران، فألقى الله الرعب في قلب أبي سفيان، فبدا له الرجوع. ولكنه خشي أن رجوعه يزيد المسلمين جُرأة، فبعث إليهم في المدينة من يُثَبِّطُهم.

وقيل: إن الذي حمل رسالته، هو نعيم بن مسعود الأشجعي، وقد قدم معتمراً. فسأله ذلك، والتزم له عشراً من الإبل. فخرج نعيم. فوجد المسلمين يتجهزون للخروج فقال لهم: أتوكم في دياركم، فلم يفلت منكم أحد إلا شريد. أفترون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم؟ فقال : "والذي نفسي بيده، لأخرجنَّ، ولو لم يخرج معي أحد" فخرج في سبعين راكباً، كلهم يقولون: حسبنا الله ونعم الوكيل.


(١) ابن كثير ١/ ٤٢٨.