إلى نفوسهم. ثم نهاهم - جل شأنه - عن محاولة حصول بعضهم على أموال بعض، بأي وسيلة غير مشروعة: كالربا، والسرقة، والغصب، والرشوة، واليمين الكاذبة، وشهادة الزور … ونحو ذلك مما حرمه الله.
وبيَّن وسيلةً من وسائل الكسب الحلال، وهي التجارة القائِمة عن تراضٍ يتعامل الناس فيها معًا، ويقيمونها بينهم، كما بينها رسول الله ﷺ، وفصلها الفقهاء في كتبهم.
ويلحق بالتجارة كل أسباب التملك التي أباحها الشارع. كالهبة، والصدقة، والإرث.
وإِنما اختصت التجارة بالذكر من بين هذه الأسباب؛ لأن كسب الإنسان واضح فيها أَكثر من الطرق الأخرى، ولنفى ما قد يتوهم من أنها تشبه الربا.
وعبّر سبحانه، عن الحصول على الأموال وأَخذها بالأكل؛ لأنه هو المقصود الأول للإنسان من جمع المال، أيًا كانت وسيلته.
والتعبير بلفظ ﴿أَمْوَالَكُمْ﴾ - للدلالة على أن المال المأكول هو مال الآكل. فمال أَخيك هو مالك، باعتبار أن الجماعة المؤْمنة، متضامنة في السراء والضراء، وأَن ما يصيب أحد أعضائِها من الألم - يصيب الآخر لا محالة.
فعندما تتفكك الأواصر بين أفراد جماعة ما، بسبب ظلم بعض أفرادها للبعض الآخر - تتولد الكراهية بينهم وتنمو.
وفي ذلك فناءٌ للجماعة كلها … لا فرق بين ظالم ومظلوم.
وقد عبرت الآية الكريمة عن هذا المعنى - بوضوح وجلاءٍ - في قوله ﷿:
أي لا تكونوا سببا في هلاك جماعتكم، فهو هلاك لكم. ولا ترتكبوا من الآثام ما يؤَدي إِلى ذلك. بل ابتغوا - لأنفسكم وجماعتكم - الحياة الكريمة التي يسودها الوفاق والحب: باتباع معالم الهدى، والوقوف عندما أحل الله لكم. ففيه وحده صلاحكم في دنياكم وآخرتكم، لأنه سبحانه. رحيم بكم في نهيه إياكم عن ذلك.