المعنى: بعد هذا البيان الحكيم المنبعث من الرحمة الإِلهية التي وسعت كل شيء، توعّد الله كل من تسوّل له نفسه: أن يرتكب ما يفسد رباط الجماعة المؤْمنة، متجاوزا بذلك حَدّ الشرع: ظالما لنفسه ولغيره … توعده ﷾ بعذاب أليم في نار تلظّى: يصلى حرها، ويقاسي سعيرها. وذلك أمر هيِّنٌ على الله.
ثم رغب الله في اجتناب ما نهاهم عنه، وحبَّبه إليهم ببيان ما يترتب على اجتناب الكبائر من تكفير صغائر الذنوب، والفوز بالجنة ونعيمها. فقال جَلَّ شأْنه:
المعنى: إِن تبتعدوا - أيها المسلمون - عن الذنوب الكبائر التي نهى الله عنها، وتوعدكم على فعلها، فأَطعتم الله ورسوله - كان ثمرة ذلك، أن نكفر عنكم سيئاتكم، ونستر عليكم معاصيَكم التي لم تبلغ حدَّ الكبيرة - بسبب هذه الطاعة، وندخِلَكُم دار النعيم حيث تقيمون فيها مكرمين، وتحْيَون فيها حياة لا يشوبها كدر ولا عناءٌ.
وهذا مظهر آخر من مظاهر الرحمة الإلهية الشاملة، يتمثل في هذا الوعد الكريم من الله لعباده المتقين .. وفي إِسباغ فضله عليهم بالثواب الجزيل، الذي يزيد أضعافا على ما يستحقون.
هذا، وقد قيل في تعريف الكبيرة كلام كثير. أظهره أنها: كل ما رتَّب الشارع عليه حَدًّا، أو صرح بالوعيد فيه نصًّا.
وقد تكفلت السنة النبوية بذكر أمثلة واضحة لكبائر الذنوب.
فقد روى الشيخان عن أَنس بن مالك ﵁ قال:"ذكر لنا رسولُ اللهِ ﷺ، الكبائرَ فقال: الشِّرْكُ بالله. وعُقوقُ الوالدَيْن، وقتلُ النفسِ. وقال: ألا أنبِّئكم بأكبرِ الكبائر: قَوْل الزور. أو قال: شهادة الزور".