ثالثا: أن التأديب المادي لأرباب الشذوذ، معترف به، ومطبق عمليا، في البلاد التي بلغت في الحضارة شأوًا بعيدا.
وعليهم بعد هذا: أن يوازنوا بين مرارة الوسيلة التي لا يمكن إنكارها، وبين ما يترتب على إلغائِها من هدم الأسرة وتخريب البيت، وتشريد الأطفال. فإذا كان الضرب ينتج تقويم المعوج، ويرجع الزوجة الناشز عن غَيِّها، ويردها إلى صوابها - والضرب هنا أنْفَى للضرب - فستحمده هي عندما ترى نفسها، وقد استعادت مكانتها كزوجة وربة بيت.
وما من شك في أن الزوجة العاقلة الصالحة، لن تَدَعَ الأمر يصل بها إلى هذا الحدِّ من العقاب.
وفي قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ بعد قوله: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ تحذير من الله لعباده من ظلمهم لزوجاتهم. فهو سبحانه، قوي قادر على أن ينتصف لهن منكم إِن بغيتم عليهن، ولم تتقوا الله فيهن أيها الأزواج.
هذه هي المرحلة الثانية في علاج الشقاق بين الزوجين. فقد يشتد الخلاف بينهما.
وربما الْتَبَسَ أمره فلا يعرف المحق من المبطل، ولا المسالم من المشاكس، لادِّعاء كل منهما عدوان الآخر عليه - لمَّا كان الأمر كذلك - أَمر الله سبحانه ولاة الأمر - في هذه الحالة - أن يقيموا حَكَما من أهل الزوج، وحَكَما من أهل الزوجة، للتعرف على أسباب الشقاق والخلاف والقضاء عليها، والعمل على إعادة الحياة الزوجية بين الزوجين المتنازعين: نقيّة من كل ما يكدر صفوها. فقال: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا … ﴾ الآية.
والمعنى: وإِن علمتم أن بين الزوجين شقاقا قد استفحل خطره، فوجِّهوا إليهما حَكَما من أهل الزوج وحَكَمًا من أهل الزوجة، لينظرا فما بينهم من نزاع وشقاق، فإذا خَلَصَت