نية الحَكَمين، وقصدا - بصدق - إلى التوفيق بين الزوجين، وفقهما الله سبحانه، إِلى إزالة أسباب الخلاف والشقاق، وأعانهما على إِعادة الحياة الزوجية، نقية من مكدراتها صافية من منغصاتها، لأنه - مع إِخلاص النية وصدق الطوية - يكون توفيق الله.
والله سبحانه عليم خبير بكل شيء.
ومن ذلك الذي يعلمه ولا يخفى عليه - نيةُ الحَكَمين، وما تنطوى عليه سرائرهما من رغبة في التوفيق أو الإفساد والتفريق.
وفي ذلك ترغيب من الله تعالى، لمن حسنت نيته، وصفت سريرته، وترهيب لمن ساءت نيته، وانطوت على غشِّ سريرته.
وظاهر الأمر ببعث الحَكَمين: الوجوب.
وبه قال الشافعي .. لأنه من باب رفع المظالم. وهو من الفروض العامة التي فرضها الله على ولي الأمر.
وظاهر وصف الحَكَمين بأن أحدهما من أهل الزوج، والثاني من أهل الزوجة: أَن ذلك يشبه أن يكون شرطا، ولكنه شرط على وجه الاستحباب فقط. فلو بعث وليُّ الأمر - أَو القاضي - حَكَمين أجنبيين عن الزوج والزوجة فذلك جائز .. ولكن كون الحَكَمين من الأقرباء أولى وأوفق. ذلك لأن نية القريب ورغبته في فض النزاع، وإحلال الوفاق محله، أصدقُ وأقوى من نية البعيد.
ثم إِن هناك من دواعي الشقاق ما لا يليق أن يطلع عليه الغرباء، ولا تطاوع نفس الزوج أو الزوجة أن يبوح به، إلا لقريب يركن إليه.
فمن هنا، كان اختيار الحَكَمين من أهل الزوج والزوجة، أسلم وأوفق من اختيارهما من بين الغرباء.