للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٧٨ - ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ … ﴾ الَايةّ.

جاءَت هذه الآية ردًّا على كراهيتهم فرض القتال عليهم، لاعتقادهم أَنه يعرضهم للموت الذي يكرهونه، وأن القعود عنه يجعلهم بمنجاة منه.

والمعنى: في أي مكان تكونون فيه - في ساحة القتال، أَو بين أهليكم في مواطن أمنكم أَو خوفكم - ينزل بكم الموت عند انتهاء آجالكم ولو كنتم في حصون منيعة، أَو قصور عالية: تظنونها مانعة لكم من الموت الذي تخافونه: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾ (١).

وفيه تأنيب لهؤُلاء المنافقين، الذين ضاقوا بما فرض الله عليهم من قتال، وإبراز لحماقة تفكيرهم، فإِن الجبن لا يطيل عمرا، وإنما يجلب ذُلًّا. والشجاعة لا تنقص أجلا، وإنما تورث عِزًّا.

﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾:

هذا بيان لنقيصة أخرى من نقائص هؤلاءَ المنافقين. فقد كانوا يقولون - إذا حلت بهم نعمة من سعة في الرزق، وكثرة في الأَموال والأولاد - هذا الذي أصابنا من النعم من عند الله. قالوا ذلك، لا عن إِيمان بالله، واعتراف بفضله، بل قالوه؛ تهوينًا لشأْن النبي ، وإِشارة إلى أنه لا يأْتيهم بخير .. يدل على ذلك ما حكاه القرآن عنهم بقوله:

﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ﴾:

أي: وإن يُصيبهم جدب وقحط، ونقص في الأَموال أو الأولاد، ونحو ذلك.

قالوا: أصابنا ذلك بشؤْمك الذي لحقنا ..


(١) الجمعة، من الآية: ٨.