للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقام به من الكفر والمعاصي .. فلا نلطف به لصرف قواه إِليه، وعدم مراجعته نفسه فيه، وندخله جهنم فيخلد فيها إن كان كافرًا، ويعاقب فيها على قدر معصيته إِن كان عاصيا .. وقبُحَت جهنم مصيرا.

فلا ينبغي لعاقل أَن يقترف من المعاصي ما يجعلها مصيرا له ومآلا.

[الأحكام]

استدل الإِمام الشافعي - رضي الله عنه - بهذه الآية، على أَن الإِجماع من أَهل الحق حجة.

فعن المزني أَنه قال: "كنت عند الشافعي يوما، فجاءَه شيخ عليه لباس صوف وبيده عصا، فلما رآه ذا مهابة: استوى جالسا، وكان مستندا إلى الأَسطوانة (١) وسوّى ثيابه: فقال الشيخ: ما الحجة في دين الله تعالى؟ قال الشافعي: كتابه. قال: وماذا؟ قال سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة. قال: من أَين هذا الأخير؟. أَهو في كتاب الله تعالى؟ فتدبر الشافعي ساعة ساكتا، فقال له الشيخ أجّلتك ثلاثة أَيام بلياليهن، فإِن جئت بآية، وإِلا فاعتزل الناس ... فمكث ثلاثة أَيام لا يخرج. وخرج في اليوم الثالث بين الظهر والعصر، وقد تغير لونه، فجاءَه الشيخ وسلم عليه وجلس، وقال: حاجتي: فقال: نعم أَعوذ باللهِ من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ... } الآية. فدلت الآية على أَن اتباع سبيل المؤمنين فيما يذهبون إِليه من الأَحكام فرض، لورود الوعيد فيمن لم يتبع سبيلهم. قال الشيخ: صدقت وقام وانصرف (٢) ".

والآية لا تفيد الخلود في النار لمن يرتكب المعاصي، بل تفيد عقوبتهم بالصيرورة إِلى النار، وذلك لا يقتضي التأبيد، خلافا لمن زعم ذلك من الخوارج. حيث زعموا أَن مرتكب


(١) السارية أو العمود.
(٢) روى عنه: أنه قرأ القرآن ثلاث مرات يتفقد هذا الحكم حتى ظفر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>