للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد هاجر بعض المسلمين - في أول الإِسلام - إلى الحبشة.

ثم كانت الهجرة بعد ذلك من مكة إِلى المدينة. وكانت واجبةً قبل فتح مكة.

وهي التي نزلت فيها آيات الترغيب والترهيب.

ولما تم فتح مكة، واستقر الأَمر فيها للمسلمين، وأَعز الله فيها الإِسلام، لم تعد هناك حاجة إِلى الهجرة من مكة.

ولهذا قال : "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية" (١).

وتشمل الهجرة بالمعنى العام: الهجرة في طلب العلم، والهجرة في طلب الرزق، والهجرة في نشر الدعوة الإِسلامية في البلاد التي لم تصلها أو التي هي في حاجة إِليها. وكلها مما رغب الله فيه.

وقد تطلق الهجرة على هجر الذنوب والمعاصي، كما في قول الرسول : "والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" (٢).

هذا، وقد تكفل الله تعالى، في هذه الآية الكريمة، بثواب الهجرة كاملا لمن خرج من بيته بنيّة الهجرة: لا يريد بذلك إلا وجه الله واللحاق برسول الله، ثم حلَّ به الموت قبل أَن يصل إلى مقصده، وإِن أَدركه أمام باب داره التي خرج منها. فقال جل شأنه:

﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾: أي لإِعلاءِ كلمة الله، فهي ضرب من الجهاد.

﴿ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ﴾: أي يلحقه، وينزل به قبل أن يبلغ مقصده:

﴿فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾: أي ثبت ثوابه عنده، وكان في ضمانه تعالى بمقتضى وعده وتفضله.


(١) رواه البخارى في الحج والجهاد.
(٢) رواه البخارى وغيره.