للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإِنما جاز ذلك؛ لأَنه لم يُقصد به التقرب إلى الأَصنام، بل قصِد به تطيِيب اللحم فيما يؤْكل، وتقوية الذكر إذا انقطع أَمله عن الأنثى.

وكرهه بعضهم.

وقال الأَوزاعي: كانوا يكرهون خصاءَ كل شئٍ له نسل. واختاره ابن المنذر.

وقال: فيه حديثان؛ أَحدهما: عن ابن عمر " أن النبي نهى عن خِصاءِ الغنم والبقر والإِبل والخيل". والآخر: "نهى عن صبر الحيوان (١) وخصاء البهائم".

قال القرطبي: والذي في الموطإِ من هذا الباب، ما ذكره عن نافع، عن ابن عمر: "أَنه كان يكره الإخصاءَ (٢). ويقول: فيه تمام الخَلْقِ".

قال أَبو عمر: يعني في ترك الإِخصاءِ تمام الخلق. وروى: (نماءُ الخَلْقِ) ثم ذكر القرطبى حديثا عن نافع عن ابن عمر قال " كان رسول الله يقول: لا تخصوا ما ينمى خلق الله (٣) ".

وأما خصاءُ الآدمي فحرام؛ لأَنه يقطع قوته ونسله، الذي به بقاءُ الجنس البشري.

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ (٤). ولأن فيه مُثْلَةً. والنبي نهى عنها.

وخُصَّ من تغيير خلق الله أمورٌ مأذونٌ فيها من السنَّة: كالختان ووسم البهائم لحاجة.

والوَسْمُ: هو كَيُّ البهائم بمكواة يسمونها الميسم.

جاءَ في صحيح مسلم عن أَنس قال: "رأَيت في يد رسول الله الميسَم وهو يَسِمُ إبل الصدقة والفيء، وغير ذلك. حتى يَعْرِفَ كلَّ مال فيؤَديَ فيه حقه، ولا يتجاوزَ به إِلى غيره".

كما استثنى منه الخضاب بالحناء. إلى غير ذلك مما هو مبسوط في الموسوعات.

ويرى بعض العلماءِ: أَن المراد من: "تغيير خلق الله، هو تحويله عن وجهه الذي خلقه الله لأجله، فالشمس والقمر والنجوم والنار والأَحجار، خلقت للاعتبار بآياتها والانتفاع بفوائدها، فغيَّرَها الكفار، فجعلوها آلهة معبودة.


(١) القتل صبرا: هو أن يحبس ويرمى حتى يموت.
(٢) لعله الخصاء لأن فعله ثلاثي.
(٣) رواه الدارقطني وغيره.
(٤) أول سورة النساء.