أَنكروا البعث، فإنه حاصل، وسيجزى بعده الناس على أَعمالهم: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ (١) ولذا قال الله بعده:
من يعمل عملا سيئا، سواءٌ أكان من كسب القلوب كالكفر والحقد والحسد، وسوءِ الظن بالمسلمين، أَم كان عن كسب الجوارح كالقتل والسرقة وأَكل مال اليتيم، والتطفيف في الكيل والميزان - يعاقبه الله عليه بما يسوءُه، ولا يجد له أَحدا ينقذه منه. مِن وليٍّ يدافع عنه بالقول والشفاعة، أَو نصير ينصره بالقوة … فالكل مَقْهور لله الواحد القهار.
ولما نزلت هذه الآية، كان لها أَثر شديد في نفوس المؤمنين.
يصوره ما أَخرجه الترمذي وغيره، عن أَبي بكر ﵁ أَنه قال للرسول ﷺ بعد أَن سمعها:"بِأَبي أَنتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، وَأيُّنَا لَم يَعْمَلْ سُوءًا، وَإِنّاَ لمَجزِيُّونَ بكل سُوءٍ عَمِلْنَاه" وما أَخرجه الإِمام مسلم وغيره عن أبي هريرة قال: "لما نزلت هذه الآية، شق ذلك على المسلمين، وبلغت منهم ما شاءَ الله تعالى - فشكوا ذاَك إِلى رسول الله ﷺ. فقال: سَدِّدوا وقَارِبُوا، فَإنَّ كُلَّ مَا أَصابَ المسلِمَ كَفَّارةٌ، حتى الشوكةَ يُشاكُهَا، والنَّكْبةَ يُنكبُهَا".
ومن هذا الحديث، نفهم أَن الله تعالى، يكفر الخطايا بالبلايا - صغرت أَم كبرت - والأَحاديث الواردة في هذا كثيرة.
ولهذا أَجمع العلماءُ، على أَن مصائبَ الدنيا وهمومَها - وإِن قلت مشقتها - تكفَّرُ بها الخطايا، إِذا صبر صاحبها.
والأَكثرون على أَنها تُرفَع بها الدرجات، وتكَفَّر بها السيئات.
وهو الصحيح المعول عليه.
ومما صح في ذلك، عن رسول الله ﷺ أَنه قال:"ما من مُسلِمٍ يُشَاك شَوْكَةً فما فَوقَها إِلا كُتِبتْ له بها دَرَجَةٌ، ومُحِيتْ عَنْه بِها سَيِّئَةٌ". أَورده الآلوسي.