للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾:

أي: ويفتيكم أيضًا فيما يتلى عليكم في شأن يتامى الإناث، اللاتي لا تؤتونهن أيها الأولياءُ ما كُتِبَ لهن من الميراث والصداق، وقد رغبتم في الزواج بهن، طمعا في الميراث والصداق. فقد أوجب عليكم فيما نزل بشأنهن أَول السورة - أن تقسطوا في شأنهن، بألا تطمعوا في أموالهن الموروثة، وأن تعطوهن من الصداق أَعلى سنتهن، وتعدلوا بينهن وبين ضراتهن: في القسم والنفقة وحسن العشرة …

أو يكون المعنى: وإن أنتم رغبتم عن الزواج بهن، فلا تعضلوهن عن الزواج بغيركم، طمعًا في أَموالهن (١).

﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ﴾:

أي: ويفتيكم فيما يتلى عليكم في شأن المستضعفين من الأولاد والصغار اليتامى: ذكورا وإناثًا. فقد أوجب عليكم - فيما سبق - أن تحافظوا على أموالهم، ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب، ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم، وأفهمكم أن أَكل أموالهم ذنب كبير، وأَوجب عليكم أن تؤدوا أموالهم إليهم عند بلوغهم رشدهم، دون مماطلة.

وبالجملة، فقد أوجب عليكم - هنا، وفيما مر في صدر هذه السورة - أن تقوموا لليتامى بالقسط والعدل، في أمرهم كله. فلا تحاولوا أن تعودوا لما كنتم عليه في الجاهلية، من توريث الرجال الذين يدافعون عن القبيلة وحرمان الصغار والنساء، فذلك جَوْرٌ لا يوافق عليه الإسلام ولا يقره (٢).

﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا﴾:

أي: وما تفعلوا - أَيها الأولياءُ - من خير في حقوق من تقدم ذكرهم، فإن الله كان به عليما قبل أن يخلقكم، كما هو عليم به عند فعلكم له، فيجزيكم عليه خير الجزاء.

وإنما اقتصرت الآية على ما يفعلونه من الخير، مع أنه يعلم ما يفعلونه من شر أيضا، ويجازى عليه بمثله، للإِيذان بأن الشر لا ينبغي أن يقع منهم، وتحريضا على فعل الخير والاستدامة عليه.


(١) راجع ما كتبناه في تفسير الآية (٣) في سورة النساء.
(٢) راجع ما كتبناه عن ذلك في شرح الآيات الواردة في شئون اليتامى والمواريث العامة للذكور والإناث صغارًا كانوا أم كبارا ابتداء من الآية رقم (٢) إلى نهاية الآية رقم (١٢) من سورة النساء.