للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أسمى - في نظر الدين - من تلك الماديات اليسيرة، التي تعينت سبيلا لعودة المودة بينهما.

قال ابن عباس: "فما اصطلحا عليه من شيءٍ فهو جائز" (١).

﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾:

أي: والصلح بينهما، خير من الجفاء والإعراض، فقد ينتهيان - لو لم يكن الصلح - إلى عاقبة بغيضة لديهما، أو لدى أحدهما.

وفيما يلي تفسيرات مأثورة تزيد الآية وضوحا، وتؤَكد الغرض المقصود منها في نفس القاريء:

روى البخاري عن عائشة ، في تفسير الآية أَنها قالت: "الرجلُ تكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها، يريد أن يفارقها فتقول: أجعلكَ من شأني في حل".

وروى الشيخان عنها أنهما قالت: "هو الرجل يكون له المرأَتان: إحداهما قد كبرت أو هي دميمة، وهو لا يستكثر منها فتقول: لا تطلقني وأنت في حل من شأني".

وروى ابن أبي حاتم، عن أبي عَرْعَرَة، قال: "جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فسأله عن قول الله ﷿: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ قال على - كرم الله وجهه -: يكون الرجل عنده المرأة فتنبو عيناه عنها، من دمامتها أو كِبَرها، أو سوءِ خُلُقِها أَو قَذَرِها، فتكره فراقه، فإِن وضعت له شيئًا من مهرها حل له، وإن جعلت له من أيامها فلا حرَج".

وبمثل هذا، فسرها ابن عباس ومجاهد والشعبي وابن جبير وكثير من السلف والأئمة، رضوان الله عليهم أجمعين.

﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾:

لما رغب الله في الصلح بقوله: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ عقبه بقوله: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾: لبيان العذر في المماكسة والمشاقَّةِ. وهو أن النفس من طبعها الشح والحرص.


(١) رواه أبو داود والطيالسي.