أملِكُ، فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أمْلِكُ" يقصد النبي بما يملكه الله: الحب والميل القلبي، فإنهما تحت سلطان الله وحده، ولا سلطان للبشر عليهما.
﴿فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ﴾:
المراد بالميل هنا عدم العدل في القسم والنفقة، بسبب تفاوت الحب. أي فلا تجوروا كل الجور على من لا تحبون من النساء، بأن تمنعوها حقها في القسم والنفقة، وفي السكن والكسوة، من غير رضاها، واعدلوا بقدر ما استطعتم، فإن عجزكم عن كمال العدل، لا يمنع تكليفكم بما تستطيعون منه، بقدر طاقتكم.
﴿فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾:
أي: فلا تميلوا كل الميل عن العدل بين الضرات، فتحرموا بعضهن حقهن المقدور لكم، فتتركوها - بذلك - كالمرأَة المعلقة، لا هي مطلقة فَتَرضى بطلاقها، وتسكن بانفرادها عن الزوج: أَو تتزوج من تشاءُ. ولا هي ذات زوج يعطيها حقها كالزوجات، فأشبهت بذلك الشيء المعلق بآخر: فلا هو عام الأَرض فيستقر: ولا هو محمول على ما عُلِّق به فلا يتأَرجح.
وفسر قتادة. المعلقة: بالمسجونة.
والآية مشعرة بتوبيخ الذين لا يعدلون بين نسائهم، بقدر استطاعتهم.
ومن أَلوان العدل التي كان السلف الصالح يحرص عليها، ما رواه غير واحد، عن جابر ﵁ أنه قال: "كانت لي امرأَتان: فَلَقَد كُنْتُ أعدِلُ بَينَهُمَا حَتى أعُدَّ القُبَل".
وعن مجاهد قال: كانوا يستحيون أَلَّا يسووا بين الضرائر في الطيب، يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه!!!.
وعن ابن سيرين في الذي له امرأتان: يُكْرَهُ أَن يتوضأ في بيت إِحداهما دون الأخرى.
وبالجملة، فالعدل واجب؛ في القسم والنفقة والسكنى والكسوة وكل ما هو ضروري كالعلاج، وهو سنةٌ فيما عداها.