للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والعدل فيما هو واجب، هو الذي ورد في تركه الوعيد، في قوله : "مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأتانِ، فَمَالَ إلَى إحدَاهُما: جَاء يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ" (١).

﴿وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾:

هذه دعوة كريمة من الله تعالى، للأزواج المقصرين في حق نسائهم؛ ليعالجوا تقصيرهم في شأنهن.

والمعنى: وإن تصلحوا ما أفسدتم من شئون زوجاتكم، وتتقوا الميل عن العدل بينهن فيما تستقبلون من الزمان. فإِن الله كان - ولا يزال - عظيم الغفران، فيغفر لكم ما فرط منكم فيما مضى بإِحسانكم كما قال تعالي: " … إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبنَ السيئاتِ … " (٢). كما كان - ولا يزال - عظيم الرحمة.

فلذا، تفضل عليكم بقبول متابكم، وإسباغ رحمته عليكم.

١٣٠ - ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ … ﴾ الآية.

المعنى: وإِن لم يتصالحا، واتسعت شقة الخلاف بينهما. حتى وقعت الفرقة - بالطلاق - فإِن الله يغني كلا من الزوجين المفترقين، من غناه الواسع.

ولا شك أن تشريع الطلاق، تظهر حكمته جلية واضحة في هذه الحالة. فإِنه إِذا لم يكن في مقدور الزوجين أَن يعيشا في حب وسلام. وكانت الحياة بينهما مشحونة بالمتاعب، فإِن العاقبة ستكون سيئة بالنسبة إليهما، وإِلى أَولادهما الذين يشهدون المعارك القاسية - من آن لآخر - بين والديهم.

فالفراق - حينئذ - يكون ضروريا … كاستعمال مبضع الجراح لاتقاء أَخطار الفساد في الجسم.

وهذه الجملة تعتبر تسلية للزوجين عما أَصابهما من الفراق، وإشعارًا لهما، بأَن الله تعالى سيسلك بكليهما مسلكا يغنيه عن الآخر. فهو الكفيل براحة عباده؛ لكيلا يشتد حزنهما على فراقهما بعد عشرة.


(١) أخرجه أحمد، وأبو داود والترمذي، والنسائي عن أبي هريرة.
(٢) هود، من الآية: ١١٤