والصنف الثالث: مَنْ يؤمن بالله، ويؤْمِن ببعض الرسل، ويكفر بالبعض الآخر، كاليهود والنصارى، وهو المقصود بقوله تعالى:
﴿وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ﴾:
أي: والذين يقولون نؤْمن ببعض الرسل، ونكفر ببعضهم، مع إيمانهم باللهِ (١).
والرأْي الراجح هو الأَول.
﴿وَيُرِيدُونَ أن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾:
أي ويريدون - بما قالوه من الإيمان بالبعض والكفر بالبعض الآخر - أن يتخذوا طريقًا وسطا بين الإيمان والكفر، مع أنه لا وسط بينهما، إذ الحق واحدٌ: لا يُنْتَقَصُ منه. وليس بعد الحق إلا الضلال.
١٥١ - ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا … ﴾ الآية.
أَي أولَئك الموصوفون بتلك الصفات الشائنة، هم الكافرون المبالغون في الكفر حقا.
فلا عبرة بما يزعمونه من الإِيمان.
﴿وَاعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا﴾:
أي: وأعددنا لهؤُلاء الكافرين عذابا؛ يهينهم ويذلهم، جزاء التفريق بين اللهِ ورسله، والإيمان بالبعض والكفر بالبعض الآخر.
١٥٢ - ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ الآية.
المعنى: والذين صدّقوا بالله، وبما يجب له من صفات الكمال، وبما يتنزه عنه من صفات
(١) والواو في قوله: "ويريدون" وقوله: "ويقولون" إما أنها بمعنى أو، وإما أنها بمعناها الأصلي. وفي الكلام موصول مقدر، أي والذين يريدون أن يفرقوا إلخ، والذين يقولون نؤمن ببعض إلخ، على رأي من يجيز حذف الموصول مع بقاه صلته.