منه عليهم، من حيث إِنه كان يرشدهم إِلى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، سمى روحا منه ﷾ وكانت منه تشريفا وتعظيما له ﵇.
والمعنى: أَن عيسى روح عظيمة، وهبة جليلة، مبتدأَة من الله.
و (مِنْ): ابتدائية على كل معنى، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لروح. أَي وروح عظيمة مبتدأة من جهته تعالى، وليست (مِنْ) تبعيضيةكما تَزْعُم النصارى، ليصلوا إِلى باطل من أَباطيلهم، وهو أَن عيسى جزءٌ من الله.
أَي: وِإذا كان هذا شأْن المسيح وحاله: ليس إلها ولا ابنا لله، فآمنوا باللهِ - وحده - ربًّا لا شريك له في العبادة، ولا في الملك والسلطان، وليس معه ثان ولا ثالث، وليس بوالد ولا ولد، وآمنوا بالرسل جميعًا. وفي جملتهم: عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام.
ولا تكفروا بأَحدٍ منهم، ولا تقولوا: الآلهة ثلاثة، الله واحد منهم.
والتعبير بقوله:(وَلَا تَقُولُوا) دون ولا تؤْمنوا بثلاثة: لبيان أَن مجرد النطق بذلك منكر وقبيح، فضلا عن أَن يكون اعتقادا وإيمانا، وفيه إِشارة إِلى أَن ما ذهبوا إِليه لا ظلا له من الحقيقة وإنما هو مجرد قول بالَأفواه.
(انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ):
أَي: انتهوا عن الشرك والتثليث يكن الانتهاءُ عن ذلك خيرا لكم؛ لأَنكم - به - تخرجون من العقيدة الناشئة عن الضلال والأَوهام، إِلى العقيدة المبنية على الحجة والبرهان، فتفوزون من الله بالرضوان.
(إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ):
أَي: إِن العقيدة الصحيحة التي جمعت الخير كله، هي عقيدة التوحيد التي عبر القرآن عنها بقوله:(إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ) أَي إنما الله واحد بالذات، منزّه عن التعدد بأَي وجه من الوجوه، متفِّرد في ألوهيته، وليس كما ادّعاه النصارى من أَن عيسى وأَمه