للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل هم قوم موحدون، لكنهم يعتقدون تأْثير النجوم، كما قيل إنهم يؤْمنون ببعض الأَنبياءِ كيحيى ، ومن أَغرب ما قيل فيهم أنهم يعبدون الملائكة ويصلون إلى الكعبة.

وقيل إنهم أَخذوا طرفا من كل دين، وهذا أَليق باسمهم، فإِن الصابئ من خرج من دين إلى دين.

والكلام في فرقهم، وفيما قيل في دينهم كثير. وحسب القارئ ما قدمناه (١) وهم على أَى اعتبار مطالبون بالإِيمان بالله واليوم الآخر، فإِن إيمانهم بالله -لو صح- مَخْلُوط بعقائد وثنية، كشأْن المشركين وأَهل الكتاب.

وقد قررت الآية الكريمة أَن من آمن بالله من جميع الطوائف، إيمانا لا يشوبه شرك ولا تجسيم ولاتشبيه ولا ادعاء ولد له سبحانه، وآمن أَيضا باليوم الآخر، وما فيه من بعث وحشر وحساب وجزاءٍ، وضم إلى هذا الإِيمان العمل الصالح، فلهم أَجرهم اللائق بإِيمانهم -عند ربهم- ولا خوف مما كانوا فيه من كفر، ولا هم يحزنون على فوت ثواب -فإن الإيمان يغفر ما سبقه من الكفر والخلاصة أن هذه الآية -بهذا التوجيه- تدعو تلك الطوائف إِلى اعتناق الإِسلام، فهو الذي قرر الإِيمان بالله على الوجه الخالص من الشرك وشوائب النقص ومشابهة البشر، كما قررت الإِيمان باليوم الآخر، وما فيه من العدل الكامل لله، فلا تمييز فيه بين ذرية الأَنبياءِ وغيرهم، ولا بين طائفة وأُخرى، ولا بين إِنسان وإِنسان، فلا يحق لطائفة أَن تدعى أَنهم أَبناءُ الله وأَحباؤُه، وأَن النار لن تمسهم إلا أَياما معدودات، ولا غير ذلك من الدعاوى المناقضة لعدل الله، أو التى تنافى ما قرره الإِسلام من شئون الحياة الأخروية وأَحداثها.

كما قررت وجوب العمل الصالح على نحو ما قرره الإِسلام "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٢) " وقد ضرب النبي أَروع الأَمثال فى العمل الصالح، هو وآل بيته، وما أَعظم قوله لابنته فاطمة الزهراء: "يا فاطمة ابنة محمد: اعملى فإنى لا أُغنى عنك من الله شيئا (٣) ".


(١) إن أردت المزيد في معرفة ما كتب عن الصابئة، فراجع "الفصل" لابن حزم، "والملل والنحل" للشهرستانى، "والصابئة" لعبد الرازق الحسينى، والجزء الساس من تاريخ العرب قبل الإسلام، للدكتور جواد على.
(٢) الزلزلة -الآيتان: ٧، ٨
(٣) رواه البخاري ومسلم فى تفسير (وأنذر عشيرتك الأقربين).