لذلك أَجابهم موسى ﵇، ببيان صفة البقرة؛ ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾: لم يكن هذا الجواب من تلقاءِ نفس موسى، بل من ربه ليخبرهم به والفارض من البقر: الكبيرة المسنة التي فرَضتْ سنها، أَى قطعتها وأَتمتها، فانقطعت ولادتها، ويقال لكل ما قدم وطال أَمره: فارض. والبكر من البقر: الفتية الشابة. والمراد من البكر في قوله:"وَلَا بِكْرٌ"؛ الصغيرة التى لم تلد، أى لا هى مسنة ولا هى صغيرة، بل ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾: أَي نَصَفٌ ووسط: بين الكبيرة التى نهكها العمل وبين الصغيرة الضعيفة، و ﴿ذَلِكَ﴾: اسم إشارة راجع لما ذكر من الوصفين: الفارض والبكر، وبما أن مرجعه متعدد من جهة المعنى. صح قوله: ﴿بَيْنَ ذَلِكَ﴾. إذ كلمة ﴿بَيْنَ﴾ تقتضى التعدد، وقوله: ﴿فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ﴾ تفريع على ما قبله.
وفيه تجديد للأَمر السابق، وتأْكيد له وتنبيه لهم على ترك التعنت.
اللون: هو الهيئة التى تعطى صفة البياض أَو السواد أو الصفرة أَو نحوها. وقد طلبوا من موسى ﵇ أن يدعو ربه. راجيا أَن يبين لهم لون البقرة؛ تعيينا للمطلوب ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا﴾ الفقوع: أشَد ما يكون من الصفرة وأَبلغه، ولذا يكون وصف الصفرة به للتأْكيد. كأَمس الدابر. وكما يختص الأَصفر بالفاقع، يختص الأَسود بالحالك، والأَخضر بالناضر، والأَحمر بالقانى، والأَبيض بالناصع. ﴿تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾: أَى تعجبهم وتشرح صدورهم، لشعورهم باللذة القلبية لحسن منظرها. وجمهور المفسرين يقولون: إن الصفرة من الأَلوان السارة.
وكلما وجد بنو إِسرائيل أَوصاف البقرة مشتركة في كثير من البقر، سأَلوا مرة أُخرى، ما حكاه الله عنهم بقوله: