للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لذلك أَجابهم موسى ، ببيان صفة البقرة؛ ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾: لم يكن هذا الجواب من تلقاءِ نفس موسى، بل من ربه ليخبرهم به والفارض من البقر: الكبيرة المسنة التي فرَضتْ سنها، أَى قطعتها وأَتمتها، فانقطعت ولادتها، ويقال لكل ما قدم وطال أَمره: فارض. والبكر من البقر: الفتية الشابة. والمراد من البكر في قوله: "وَلَا بِكْرٌ"؛ الصغيرة التى لم تلد، أى لا هى مسنة ولا هى صغيرة، بل ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾: أَي نَصَفٌ ووسط: بين الكبيرة التى نهكها العمل وبين الصغيرة الضعيفة، و ﴿ذَلِكَ﴾: اسم إشارة راجع لما ذكر من الوصفين: الفارض والبكر، وبما أن مرجعه متعدد من جهة المعنى. صح قوله: ﴿بَيْنَ ذَلِكَ﴾. إذ كلمة ﴿بَيْنَ﴾ تقتضى التعدد، وقوله: ﴿فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ﴾ تفريع على ما قبله.

وفيه تجديد للأَمر السابق، وتأْكيد له وتنبيه لهم على ترك التعنت.

٦٩ - ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا … ﴾ الآية.

اللون: هو الهيئة التى تعطى صفة البياض أَو السواد أو الصفرة أَو نحوها. وقد طلبوا من موسى أن يدعو ربه. راجيا أَن يبين لهم لون البقرة؛ تعيينا للمطلوب ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا﴾ الفقوع: أشَد ما يكون من الصفرة وأَبلغه، ولذا يكون وصف الصفرة به للتأْكيد. كأَمس الدابر. وكما يختص الأَصفر بالفاقع، يختص الأَسود بالحالك، والأَخضر بالناضر، والأَحمر بالقانى، والأَبيض بالناصع. ﴿تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾: أَى تعجبهم وتشرح صدورهم، لشعورهم باللذة القلبية لحسن منظرها. وجمهور المفسرين يقولون: إن الصفرة من الأَلوان السارة.

وكلما وجد بنو إِسرائيل أَوصاف البقرة مشتركة في كثير من البقر، سأَلوا مرة أُخرى، ما حكاه الله عنهم بقوله:

٧٠ - ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾.