واليتامى هم: الذين مات آباؤهم وهم في دون البلوغ، فهم لهذا في أَمس الحاجة إلى الإحسان، ويكون: بالكلمة الطيبة، والتوجيه الرشيد، والرعاية الحانية، والمعونة بالمال؛ إن احتاجوا إليها.
وفي القرآن والسنة كثير من الوصايا باليتامى؛ ليجدوا من المسلمين الكرماءِ العاملين؛
بدينهم، ما يعوضهم، عن فقد آبائهم، ولأن الإحسان إِليهم والرحمة بهم، حماية للمجتمع؛
حتى لا يكونوا عنصر شرٍّ وإفساد فيه.
ومن أهل الحاجة الذين أَوصاهم الله بالإحسان إليهم أَيضًا: المساكين الذين لا يقدرون
على الكسب، أَو لا يكفيهم ما يكسبونه، ففي العناية بهم تعاون وتكافل، وإِقامة للمجتمع
على أسس من التوادّ والتراحم.
﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾: ومن جملة الميثاق الذي أخذ عليهم: أن يقولوا للناس قولًا حسنا، كالنصيحة لهم، والأَمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، مع التزام الحكمة والموعظة الحسنة ولين الجانب، والمخاطبة بما تطيب به نفوسهم؛ وعدم الإساءَة إليهم بالقول والخشونة؛ فإن الفظاظة والغلظة لا تليق بأَهل الشرائع السماوية.
وقد اشتمل المثاق على وجوب إِفراد الله -تعالى- بالعبادة والتوحيد، وهو الأَهم.
ولذلك قدم الأمر بهءلى سواه، ثم عطف عليه الأمر بالإحسان إلى العباد فى معاملتهم.
ولمَّا كانوا متفاوتين. فى ذلك، بدأ بأحقهم وهما الوالدان، ثم أَتبعهما ذوي القربى؛ رعاية لحق القرابة، ثم اليتامى لضعفهم، ثم المساكين سدًا لحاجتهم، ثم سائرالناس، بما هو مقدورلكل أحد، وهو الإحسان بالقول، بأن يلقوهم بالطيب من القول ويجتنبوا إيذاءَهم. فهذا النوع من الإحسان سهل هين على النفوس: يقدر عليه كل إنسان، ويستطيع أداءَه في كل حال، فلا عذر لتاركه.
ومن هذا نرى: أن هذا العهد قد اشتمل- بالإجمال- على أهم المقاصد للشرائع السماوية. فهى تكون أَولا: داعية إلى تطهير العقول والقلوب من رجس الوثينة، وإخلاص العبادة لله وحده
وتكون -ثانيا: لإصلاح المجتمع، وأول إصلاحه: رعاية الأَقارب والضعفاء - واليهود
لا يفعلون ذلك.