للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأَمَّا مياه الخزانات العلوية، فتتخذ سبيلها في أنهار وغدران، إلى أطراف البلاد. وأما مياه الخزانات السفلية. فتتفجر ينابيع، تجرب بالعذب الزلال، ويظل هذا الفضل ممدودًا، وتلك الرحمة مرسلة، ينهل منها من يشاء، ويغرس ويزرع على سلسبيلها من أراد أن ينشيءَ: ﴿جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾ (١) يتغذى بأرزاقها، ويتفكه بفواكهها وثمارها، ويطعم منها دوابه المختلفة.

ولم تنس هذه العناية الرحيمة دواب الصحراء الشاردة، فقد أنبتت لهم في واحاتها المراعي المخضرة، دون أن يزرعها الزارعون، وأخرجت لهم المياه العذبة، دون أن يستنبطها المستنبطون. فمن الذي صنع هذا الجميل، وتعهد به عباده؟ إنه إله واحد عليم، رحمن رحيم!!

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى﴾ (٢).

﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ﴾ (٣).

﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ (٤).

وخامس هذه الأدلة: أنه: ﴿بَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾.

والدابة: ما يَدِب ويمشي على الأرض، ويدخل فيها الحيوان كله، حتى الطير. قال تعالى:

﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾ (٥) .. الآية.

والدواب من آيات الألوهية، بخلقها ونشرها في أنحاء الأرض، لينتفع بها سكانها في مرافقهم وضروراتهم وحاجاتهم المختلفة. فقد علم الإله الرحيم: أن الإنسان لا غنى


(١) الأنعام: ١٤١.
(٢) فصلت: ٣٩.
(٣) الحج: ٥.
(٤) الروم: ٥٠.
(٥) النور:٤٥.