والمعنى: ومَنْ عند الله من الملائكة لا يستكبرون عن عبادته والخضوع لأَوامره، فهم يسبحونه ليلا ونهارًا لا ينقطعون، والمقصود من ذكر الليل والنهار الدوام، سواءٌ كان عندهم ليل ونهار أَو لم يكن، ولا يمنعهم هذا التسبيح الدائم من قيامهم بما يكلفهم الله به، قال تعالى: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾. فالتسبيح لهم بمنزلة التنفس لا يشغلهم عنه شاغل.
بهذه الآية بدأَ التقريع والتوبيخ لمن اتخذوا آلهة لهم غير الله تعالى، وحرف (أَمْ) هنا إِما بمعنى (هل) الاستفهامية الإنكارية - كما جنح إِليه بعض المفسرين - والإنشار بمعنى الإحياءِ.
والمعنى على هذا: هل اتخذ المشركون آلهة من الأرض همْ يُنْشِرون الموتى، ويعيدونهم أَحياءً، كلا فإِنهم لا يقدرون أَن يدفعوا الفناءَ عن أنفسهم، فكيفْ ينْشِرُون غيرهم ويحيونهم، فلماذا عبدوهم؟
وإِما أَن تكون (أمْ) بمعنى بل والهمزة، فكأنه قيل: بل اتَّخَذُوا، وتكون (بل) للإضراب الانتقالى عن النقاش السابق، إلى تقريع الكفار وتوبيخهم على اتخاذ آلهة عاجزين.
والمعنى على هذا: بل أتَّخَذَ المشركون آلهة من هذه الأرض هم يعيدون الموتى إلى الحياة، كلاَّ فهم أَعجز ما يكونون عن ذلك.
وعلى أَي التقديرين في تفسير حرف (أَمْ) فمآل المعنى واحد كما هو واضح مما قدرنا ووصف آلهتهم التي اتخذوها بكونها من الأرض لتحقيرها، وتوبيخ عابديها على تركهم رب السماوات والأرض الذي هو يحيى ويميت إلى آلهة حقيرة لا قدرة لها على إحياء الموتى.