والمعنى الإجمالى: إن الذين اختلقوا البهتان في حق عائشة أم المؤمنين وأذاعوه هم جماعة وشرذمة ينتسبون إِليكم بأُخوَّة الإِسلام فكيف رضوا بإذاعته؟ لا تظنوا هذا الافتراءَ شرًّا لكم بل هو خير عظيم لكم، لنيلكم الثواب الجزيل بالصبر عليه، وظهور كرامتكم وكرامة زوجكم المصون على ربكم، بإِنزال ما فيه تعظيم شأْنكم، وتشديد الوعيد لمن تكلم بما أَحْزَنكم، كما قال سبحانه:
أَي: لكل امرئِ من الذين جاءُوا بالإِفك جزاءَ ما اكتسب من الإِثم بقدر ما خاض فيه سواءٌ أَكان ذلك اختلاقًا ورضًا أَم تَرْديدًا وإِذاعة، والذى تحمل معظمه فقام بأَكبر حظ من إِعلانه، له عذاب عظيم في الدنيا والآخرة.
وكان أَول من اختلقه وأَذاعه عبد الله بن أُبَيّ بن سلول، فكان يجمع الناس ويذكر لهم ما يذكر من الإِفك، لإِمعانه في عداوة رسول الله ﷺ وقد كافأَه الله في الدنيا بتكذيبه وإِعلان نفاقه وإِقامة حد القذف عليه كما أَخرجه الطبرانى وابن مردويه عن ابن عمر، وأَخرجه الطبرانى أَيضًا عن ابن عباس، كما أَقام حد القذف على مسطح وحسان وحمنة، أَخرجه البزار وابن مردويه بسند حسن عن أَبي هريرة.
ولما بلغ صفوانَ اشتراكُ حسان في الإِفك عنه وعن أُم المؤمنين، جاءَ فضربه بالسيف ضربة على رأْسه وقال:
ولكننى أَحمى حماى وأَتَّقى … من الباهت الرأْى البرئِ الظواهر
وقد حال دون قتل صفوان لحسان ثابت بن قيس بن شماس، فقيد وثب على صفوان ومنعه من الإِجهاز عليه، وكان صفوان بن المعطل المذكور، صاحب ناقة رسول الله ﷺ في غزواته لشجاعته، وكان من خيار الصحابة، وروى عنه أَنه قال: والله ما كشفت كَنَفَ أَنثى قط، يريد: ما كشفها بزنى، وقُتِل شهيدًا ﵁ في غزوة