للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفسره بعضهم: بالأبْلَه، وفسره آخرون: بالصبى الذي لم يدرك، قال القرطبى: وهذا الاختلاف كله متقارب، ويجتمع فيمن لا فهم له، ولا همة ينتبه بها إلى أَمر النساء.

وأَما قوله تعالى: ﴿أَوِ الطِّفْلِ (١) الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ﴾ فالمراد به: الأطفال الذين لم يعرفوا ما هي عورات النساء، وما شأنها بالنسبة إِلى الرجال، وفسره الآلوسى بقوله: أي: الأطفال الذين لم يعرفوا ما هي العورة ولم يميزوا بينها وبين غيرها.

وهذا القول قريب مما قلناه، وعلى هذا وذاك يكون قوله: ﴿لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾ مأخوذًا من الظهور، بمعنى الاطلاع، وقد جعل كناية عما ذكر.

وفسره ابن كثير بأَنهم لصغرهم لا يفهمون أَحوال النساء وعوراتهن، من كلامهن الرحيم، وتعطفهن في المشية وحركاتهن وسكناتهن، فإذا كان الطفل صغيرًا لا يفهم ذلك، فلا بأس بدخوله على النساءِ، فأما إن كان مراهقا أَوقريبا منه، بحيث يعرف ذلك ويدريه، ويفرق بين الشوهاء والحسناء، فلا يمكَّن من الدخول، وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله أنه قال: ("إِياكم والدخول على النساء" قالوا: يا رسول الله أَفرأَيت الحَمو (٢)؟ قال: "الحَمو: الموت").

ومنهم من فسر ﴿الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ﴾ بالذين لم يبلغوا حد الشهوة والقدرة على الجماع، وَإِن كان قادرا على التمييز بين العورات، من قولهم: ظهر على فلان إِذا قوى عليه، ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ فيشمل الطفل المذكور على هذا الرأى المراهق، الذي لم يظهر منه تشوق للنساء، والأَصح عند بعض الشافعية: أَنه يلزم الاحتجاب منه كالمراهق الذي ظهر منه ذلك، وذكروا في الطفل غير المراهق أَنه إِن كان قادرا على حكاية العورات وتمييزها فله حكم المحرم في النظر، وإلا فهوكالعدم، فيباح في حضوره ما يباح في الخلوة (٣).


(١) الطفل: اسم مقترن بأل الحنسية، وقد يراد به الجمع كما هنا، فهوبمعنى الأطفال، ولهذا وصف بالجمع.
(٢) الحمو، والحم: أقارب الزوج، وإذا كان رأى النبي ما ذكر في أبي الزوج وهو من المحارم فكيف يسمح بدخول غيره البيت ورؤيته نساءه؟.
(٣) انظر الآلوسى في تفسير هذه الجزئية من ال