عليه وسلم -: "إذا شهدت إِحداكن المسجد فلا تمَس طيبًا" وفي الصحيحين عن عائشة ﵂ أنها قالت: "كانت نساءُ المؤمنين يشهدْن الفجر مع رسول الله ﷺ ثم يرجعن متلفعات بمررطهن" وفي الصحيحين عنها أيضا أنها قالت: "لو أَدرك رسول الله ﷺ، ما أَحدث النساء لَمَنَعَهُن المساجد، كما منعت نساء بنى إسرائيل" انظر ابن كثير.
وذِكْر البيع بعد التجارة مع شمولها له؛ لأنه أَقوى نوعيها في الإلهاء عن الصلاة لحرص التاجر عليه طلبًا لربح عاجل، أَو دفعًا لخسارة منتظرة، أَو سدادًا لدين، أو جلْبا لرزق ناجز، بخلاف الشراء فإن الأناة فيه أكثر؛ إذ الربح فيه متوقع وليس بناجز، وقيل: المراد بالتجارة: الشراءُ، فإنه أَصلها ومبدؤها، وقيل: الجلب سفرا، ومنه يقال: تَجَر في كذا، إذا جلبه، ويؤيده ما أَخرجه ابن أَبي حاتم عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال في هؤلاء الموصوفين بما ذكر:"هم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله".
والمقصود من أَنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله: أنهم يُلَبُّون نداء الصلاة جماعة ويتركون البيع والشراء، روى عن ابن مسعود أَنه رأى قومًا من أهل السوق حيث نودى بالصلاة تركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصلاة، فقال عبد الله: هؤلاء من الذين ذكر الله في كتابه: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ رواه ابن جرير الطبرى.
وروى عن عبد الله بن عمر ﵄ أنه كان في السوق فأُقيمت الصلاة، فأغلقوا حوانيتهم، ودخلوا المسجد، فقال ابن عمر: فيهم نزلت: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ رواه ابن أبي حاتم، وابن جرير، وقد جاء في مثل ذلك أخبار كثيرة (١).