للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى الإجمالي للآية: ففعلت ما أوحاه الله إليها من إرضاعه ثم إلقائه في اليم عندما خافت عليه، فجرى به الماء إلى قصر فرعون، فأخذه أتباعه بعناية وحرص وفرح كما تؤخذ اللقطة - أخذوه - لتكون عاقبته أن يصير لهم عدوا مخاصمًا في الحق، ومصدر حزن دائم لهم، حيث كان سببًا في غرقهم في اليم وحزن أهليهم عليهم، عقابا لهم على كفرهم بربهم وعصيانهم لرسولهم، إن فرعون وهامان وزيره وأعوانه كانوا آثمين باستعباد بني إسرائيل وظلمهم وقتلهم ذكرانهم، وكفرهم بآيات ربهم، كما كانوا مخطئين في تقديرهم نجاتهم بقتل ذكور بني إسرائيل فقد جحدوا أن الله شديد العقاب.

٩ - {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ (١) لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٩)} (٢):

لم يأت في القرآن ولا السنة اسم امرأة فرعون، وجاء اسمها (آسية بنت مزاحم) عند عدد من المفسرين، ويبدو أنه اسم عربى، فهل هي من ذرية العماليق الذين حكموا مصر وكانوا عربًا، أم كانت من قبيلة من قبائل العرب؟ ويبدو لي أنه لا سند له؛ فلذا لا نجزم بصحة هذه التسمية وندعها لعلام الغيوب.

قال القرطبى: يروى أن آسية امراة فرعون رأت التابوت يعوم في البحر فأمرت بسوقه إليها وفتحه، فرأت صبيا صغيرا فرحمته وأحبته فقالت لفرعون: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} أي: هو قرة عين لي ولك.

وقال ابن كثير: يعني أن فرعون لما رآه همّ بقتله؛ خوفا من أن يكون من بني إسرائيل، فجعلت امرأته آسية بنت مزاحم تحاج عنه وتحببه إلى فرعون، فقالت: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} فقال: أما لك فنعم، وأمّا لي فلا، فكان كذلك، وهداها به، وأهلكه الله على يديه اهـ.

وقد نقل ابن كثير عن النسائى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي يحلف به لو أقرَّ فرعون أن يكون قرة عين له كما أقرت امرأته لهداه الله كما هداها".


(١) وقدمت نفسها عليه لما تعلمه من حبه إياها، وإيثار مصلحتها على مصلحته.
(٢) جملة {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} حال من آل فرعون، والتقدير: فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا وقالت امرأته كيت وكيت وهم لا يشعرون وجوز كونه حالا من القائلة والمقول له، والمراد بالجمع اثنان، وقيل غير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>