هذه الآية تفصيل لما يقوم به الجِن من الأَعمال لسليمان ﵇.
والمعنى: يعمل هؤُلاء الجن لسليمان ما يشاءُ عمله من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات.
والمحاريب جمع محراب، وهي قصور حصينة، ومساكن شريفة، ومنازل شاهقة سميت بذلك لأَنه يحارب غيره لحمايتها، وقيل: هي صدور المجالس.
قال المبرد: لا يسمى محرابًا إلا ما يرتقى إليه بدرج، وقيل: هي المساجد.
ويطلق المحراب أيضًا على المكان المعروف الذي يقف بحذائه الإِمام، وهو مما أُحدث في المساجد ولم يكن في الصدر الأَول، ولذا كره الفقهاء الوقوف في داخله.
وتماثيل: جمع تمثال. قال الزمخشري: صور الملائكة والأَنبياء والصالحين، كانت تعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام وغيرها، ليراها الناس فيعبدوا مثل عبادتهم وكان اتخاذ الصور جائزًا في شرعهم. كما قال الضحاك وأَبو العالية.
وقد روي أنهم عملوا لسليمان ﵇ أَسدين في أسفل كرسيّه، ونسرين فوقه، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما، وإذا قعد أظله النسران بجناحيهما والله أعلم بصحة ذلك. ﴿وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ﴾ جمع جفنة: وهي ما يوضع فيها الطعام مطلقًا وهي أَعظم القصاع، ويليها القصعة وهي ما تشبع العشرة، ويليها الصفحة وهي ما تشبع الخمسة، ويليها المئكلة وهي ما تشبع الاثنين والثلاثة ويليها الصحيفة، وهي ما تشبع الواحد.
والجوابي جمع جابية: وهي الحياض الواسعة يجبى إليها الماءُ، فهي مجبيٌّ إليها لا جابية، ثم غلبت على إناءٍ خاص كبير الحجم يملأُ ماءً.