(أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ) أَي: أَبصار أَصحاب هذه القلوب ذليلة حسيرة مما عانت من الأَهوال والشدائد، وقد أُريد من وجيف القلوب شدة الخوف الواقع بأَربابها فهي كناية عنهم.
حكاية لما يقوله المنكرون للبعث المكذبون بالآيات الناطقة به إِثر بيان وقوعه بطريق التوكيد القسمى، وذكر مقدماته الهائلة، وما يعرض عند وقوعها القلوب والأَبصار.
والمعنى: إِن منكري البعث يقولون -إِنكارًا له، واستبعادًا لوقوعه إِذا قيل لهم في الدنيا إنكم مبعوثون:(أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ) يعنون الحياة التي كانوا عليها أَول الأَمر قبل موتهم يقال لمن كان في أَمر فخرج منه ثم عاد إِليه: رجع في حافرته، أَي: في طريقه التي جاءَ منها فحفرها، بمعنى أَثر فيها بمشيه، وتسميتها حافرة مع أَنها محفورة، لنسبتها إِلى الحفر، أَو على المجاز كما في قوله تعالى:"فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ"(١) أَي: منسوبة إِلى الرضا، أو على المجاز وقيل: إنه -تعالى شأْنه- لما أَقسم على البعث، وبين ذُلَّهم وخوْفَهم ذكر هنا إقرارهم بالبعث، وردهم إِلى الحياة بعد الموت، فالاستفهام لاستغراب ما شاهدوه بعد الإِنكار والجملة استئناف لبيان ما يقولون إِذ ذاك.
١١ - (أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً):
تأْكيد لإِنكار البعث بذكر حالة منافية لحصوله أَي: أَئذا كنا عظاما بليت وتفتت واختلطت بتراب الأَرض نُرد ونُبعث مع كون تلك الحالة أَبعد شيءٍ من الحياة، ذلك أَمر بعيد الحصول.
وفرق بين العظام الناخرة والنخرة -حيث إِن النخرة فسرت بالأَشد بِلي، قال عمرو بن العلاءِ: النخرة: التي بليت، والناخرة التي لم تنخر بعدُ، ونقل اتحاد المعنى عن غيره.