للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان النساءُ يغطين رءُوسهن بالخُمر، ويَسْدلنها (١) كعادة الجاهلية من وراء الظهر فتبدونحورهن وبعض صدورهن.

وصح أنه لما نزلت هذه الآية، سارع نساءُ المهاجرين إلى امتثال ما فيها، فشققن مروطهن (٢) فاختمرن بها تصديقا وإيمانا بما أنزل الله - تعالى - من كتابه.

﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾:

بعد أن أجاز الله للمرأة في صدر الآية أن تبدى للأجانب من زينتها ما يظهر منها عادة، عقبه بإجازة أَكثر منه لأنواع عيَّنَهَا فيها.

وأَول هذه الأنواع: (البعولة). جمع بعل، ويطلق على الزوج، وكذا على السيد، كما قاله ابن العربى، ومنه ما جاء في حديث جبريل عن أشراط الساعة في إحدى الروايات: "إِذا ولدت الأمة بعلها" يعنى سيدها؛ لأنها إذا استولدها سيدها، فولَدها يكون سببا في عتقها بعد موت أبيه، فكأنه سيدها الذي من عليها بالعتق (٣)، فكل من الزوج والسيد يرى زينة المرأة كلها، وله الحق في أَكثر من رؤْية زينتها وهوتمام الاستمتاع بها نظرا أَوفراشا في مكان الحلِّ منها، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾. (٤)

أما النظر إلى الفرج فقد أجازه قوم بالقياس الأولوى على الجماع، فللرجل أَن ينظر إلى فرج زوجته وأَمته، ولهما أن ينظرا إلى فرجه، ومنعه بعضهم لحديث عائشة: "ما رأَيت منه ولا رأَى منى" وحمله أصحاب القول الأول على الأدب لا على التحريم، ومن الفقهاء من أَجازه مع الكراهة، وبه قال أَكثر الشافعية (٥)، ومن الفقهاء من قال إنه خلاف الأولى، وهومذهب الحنفية كما حكاه الخفاجى.


(١) أي يريخين شعورهن، وفعله: سدل، من بابي: ضرب ونصر.
(٢) جمع: مرط، وهوكساء من صوف أوحرير كان يؤتزر به.
(٣) والحديث يشير إلى كثرة السراري بكثرة الفتوحات، فيأتى الأولاد من الإماء، فتعتق كل أم بولدها - انظر القرطبى.
(٤) سورة المؤمنون؛ الآيتان: ٥، ٦.
(٥) وقليل منهم يقول بالتح