للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو بكر:

م ٣٤٥٧ - أما نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الماء فظاهره ظاهر عام (١)، والمراد منه منع

بعض المياه دون بعض، يدل على فيه عن بيع فضل الماء.

ويدل أيضاً على أن ذلك معناه إباحة كل من نحفظ قوله من علماء الأمصار أن يبيع الرجل ما أخذه من مثل النيل، أو الفرات في ظرف بثمن معلوم، وغير جائز أن يجمعوا على خلاف سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فدل ما ذكرناه على أن نهيه عن بيع الماء، ليس المراد صفة جميع المياه.

ويجوز أن يدخل في نهيه عن بيع الماء المجهول، كالمياه التي يتبايعها أهل المشرق وغيرهم، يبيع الرجل منهم ما يجري في نهره يومه وليلته بكذا، وكذا درهماً، وذلك مجهول يزيد أو ينقص، وتحيط به الآفات، ويختلف ذلك في الشتاء عند كثرة الأمطار، ويقل عند قلة الأمطار، وفي الصيف اختلافاً متفاوتاً، فكل ماء مجهول، فالبيع فيه فاسد، وكل ماء معلوم في ظرف قد أحاط البائع، وللمشتري به معرفة، فالبيع فيه جائز.

وأما قوله: "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ، فإن الرجل فيما بلغنا كان يحتفر البئر بناحية من الأرض، وربما لم يكن يقرب لبئره ماء لأحد، فإذا اختصبت الناحية التي بها بئره، انتجعها أصحاب المواشي، فإن منعهم من ماء بئره تسبب منعهم ذلك إلى منع الكلام المباح، لعلمه أن لا مقام لهم بالموضع إذا منعهم ماء بئره على غير ماء، فنهوا عن بيع فضل الماء لهذا المعنى والله أعلم.


(١) في الأصل "ظهار عليه" وهذا من الأوسط ٣/ ٣٢٧/ب، وفي "العمانية" عن بيع الماء الطاهر عام.

<<  <  ج: ص:  >  >>