وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: دعوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصْل القضاء حدث بين القوم الضغاين.
وقال عطاء: لا يحل للإمام إذا تبين له القضاء أن يصلح بين من تبين له القضاء فيما بينهم، وكان أبو عبيد يقول: وإنما يسعه الصلح إذا كان كالذي في حديث أم سلمة يعني الأمور المشكلة، فأما إذا استشارت الحجة لأحد الخصمين على صاحبه الآخر، وتبين للحاكم موضع الظالم منهما من المظلوم، فليس بواسع له أن يحملهما على الصلح.
قال أبو بكر: ما قاله أبو عبيد حسن.
[١٠ - باب القاضي يقضي بعلمه]
م ١٩٩٩ - افترق أهل العلم في قضاء القاضي بعلمه، فقالت فرقة: لا يقضي بعلمه، هذا مذهب شريح، والشعبي، ومالك، وأحمد، وأبي عبيد.
وقالت فرقة: فيما علمه القاضي قبل أن يستقضى لا يحكم به، وما علم به بعد أن يستقضى حكم به، إلا الحدود، هذا قول النعمان، قال: لا يقضي في الغضب، والقذف، والبيع، والشراء، والطلاق، والنكاح، والقتل، وقال يعقوب ومحمد: يقضي بذلك كله ما علم به قبل أن يستقض، وعلم به في غير مضرة، فإنه يقضي بذلك كله، إلا الحدود.
وقالت فرقة ثالثة: إذا كان الحاكم عدلاً كان له أن يحكم بعلمه فيما علم به قبل الحكم أو بعده، وقبل أن يلي وبعد ما ولى، ذكر الربيع أن هذا قول الشافعي.