نعب مصالحتهم، وقد صالح رسول الله- صلى الله عليه وسلم - المشركين يوم الحديبية على غير خراج يؤدونه إليه.
وقال أصحاب الرأي: لو أن قوماً من أهل الحرب أهل حصن، أو أهل مدينة، أو أهل عسكر، أو أهل بلد من البلدان أهل الحرب سألوا المسلمين أن يوادعوهم سنين معلومة على أن لا يدخل المسلمون بلادهم، وعلى أن لا تجري عليهم أحكام المسلمين، فإن كان ذلك خيراً للمسلمين، وادعوهم على ذلك، فإن فعلوا، ثم رأى المسلمون أنهم قوة، فعليهم أن ينبذوا إليهم، ثم يقاتلونهم.
وكان الأوزاعي يقول: لا يصلح أن يودع إمام المسلمين أهل الحرب على فدية أو هدية يؤديها المسلمون إليهم إلا عن ضرورة، وشغل المسلم أهل العلم حربهم عن قتال عدوهم، أو فتنة [١/ ١٨٦/ب] شملت المسلمين فإذا كان ذلك فلا بأس.
وقال الشافعي:"لا يعطيهم المسلمون شيئاً بحال إلا أن يخافوا أن يصطلحوا لكثرة العدو، وقتلهم، أو خلة فيهم، فلا بأس أن يعطوا في ذلك الحال لأنه من معاني الضرورات أو يؤسرون مسلماً فلا يخلى إلا بفدية، فلا بأس؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدى رجلاً برجلين".
وقال الأوزاعي: ولا بأس أن يصالحهم على عدد سبي يؤدونهم إلى المسلمين، ولا يضر من أحرارهم كان ذلك أو من غيرهم، إذا كان ذلك الصلح ليس بصلح ذمة، وخراج، يقاتل من ورائيهم، وتجري عليهم أحكام المسلمين، فلا بأس بذلك.