وكلُّه بمعنى منفردٍ؛ أي: لا يدعُ أحداً ولا من شذَّ وانفردَ، ولا يَسلَمُ منه من خرجَ عن جماعةِ العسكرِ ولا من فيه، وإنَّما هي عبارةٌ عن المبالغةِ؛ أي: لم يدعْ نفساً إلَّا قتلَها واستقصاها وهو مَثَلٌ؛ يقال لمن استقصَى الأمرَ؛ أي: لم يترُك ما وجدَ واجتمعَ، ولا ما شذَّ وانفردَ.
قال ابنُ الأعرابيِّ: يقال: ما يدعُ فلانٌ شاذاً ولا فاذاً؛ إذا كانَ شجاعاً لا يلقاه أحدٌ إلَّا قتلَه، ومعنى:«الآية الجامِعَة الفَاذَّة» أي: العَامَّةُ لجميعِ أفعالِ الخيرِ بقوله: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] إلى آخرِها، فعمَّ في الحُمُر ما فسَّره ﵇ في الخيلِ وغيرِ ذلك، ومعنى الفَاذَّةِ؛ المنفردةِ القليلةِ المثلِ في بابِها.
وقعَ في روايةِ القابسيِّ والأَصيليِّ على المروزيِّ في حديثِ قتيبةَ في غزوةِ خيبرَ:«لا يَدَعُ شاذَّة ولا قاذَّة» بالقافِ، قال الأَصيليُّ: وكذا قرأتُه على أبي زيدٍ، وضبطَه في كتابِه، ولا وجهَ له وهو تغييرٌ، وإن كان قد قالَ بعضُهم: لعلَّه بدالٍ مهملةٍ بمعنَى جماعةٍ، وقادَّةٌ من النَّاسِ؛ جماعةٌ، ومنه: ﴿طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ [الجن: ١١] والذي عندَ القعنبيِّ والجُرجانيِّ وغيرِهما: «فاذَّة» كما لهم في غيرِ هذا الموضعِ من البخاريِّ [خ¦٢٨٩٨].
وفي مسلمٍ وغيرِه من الأمَّهاتِ.
إلَّا أنَّه وقعَ للقابسيِّ في حديثِ القعنبيِّ بالنُّونِ، وللكافَّةِ:«فَاذَّة» بالفاءِ، وله وجهٌ يَقرُب؛ أي: شاردَةٌ، لكن المعروفُ الفاءُ، وما أُرَى هذا كلَّه إلَّا وهماً، إذ المثلُ المضروبُ بالفاءِ معلومٌ مشهورٌ.
وقوله في كتابِ الأدبِ في البخاريِّ في حديثِ مُحيِّصَةَ:«ففداهُم رسولُ الله ﷺ من عندِه» كذا في جميعِ النُّسخ، وهو وهمٌ، وصوابُه:«فَوَدَاه» كذا في «الموطَّأ» ومسلمٍ.
الفاءُ معَ الرَّاءِ
١٨٢٠ - (ف ر ث) قوله: «يَعمِد إلى فَرثِها»[خ¦٥٢٠] الفَرثُ: ما في الكَرشِ، ومنه قوله تعالى: ﴿مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ﴾ [النحل: ٦٦].