١١٨٨ - اعلم أنَّ (لو) تأتي غالباً في كلامِ العربِ لامتناعِ الشَّيءِ لامتناعِ غيرِهِ كقوله: «لو كنتُ راجِماً بغَيْرِ بَيِّنةٍ رجمْتُها»[خ¦٦٨٥٥]، و «لو تأخَّرَ لزِدتُكُم»[خ¦١٩٦٥]، و «لو استقبلْتُ من أمرِي ما اسْتَدْبرْتُ ما سُقْتُ الهَدْيَ ولَحلَلْتُ»[خ¦١٦٥١]، وقد تأتي بمعنى:«إن» كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢١] وعليه يُتأوَّلُ الحديث: «لو كنتَ تريدُ أن تصيبَ السُّنَّةَ فأَقصرِ الخُطبةَ».
وتأتي للتَّقليلِ كقوله:«ولو بشِقِّ تمرةٍ»[خ¦١٤١٣]، و «التمِسْ ولو خَاتَماً من حديدٍ»[خ¦٥١٣٥].
وتأتي (لو) بمعنى (هلَّا)، كقولِهِ: ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً﴾ [الكهف: ٧٧] قال الدَّاوُدِيُّ: معناه هلَّا اتَّخذتَ؟، وهذا التفاتٌ إلى المعنى لا إلى اللَّفظِ، و (لو) ليست بمعنى: (هلَّا)، وإنَّما تلك (لولا).
وقوله:«فإنَّ لو تفتَحُ عملَ الشَّيطانِ» أي: إنَّ قولَها واعتيادَ معناها يُظهِرُ الطَّعنَ على القَدَرِ، ويُفضي بالعبدِ إلى ترْكِ الرِّضا بما أرادَه الله؛ لأنَّ القَدَرَ إذا ظهرَ بما يكرهُ العبدُ قال: لو فعلتُ كذا لم يكنْ كذا، وقد مرَّ في علمِ الله أنَّه لا يفعلُ إلَّا ما فعلَ، ولا يكونُ إلَّا الَّذي كان.
وقولُ البخاريِّ:«ما يجوزُ منَ اللَّوْ»[خ¦٩٤/ ٩ - ١٠٧٣٦] يريد ما يجوزُ من قولِ: لو كانَ كذا كانَ كذا، فأَدخَلَ على (لو) الألفَ واللَّامَ الَّتي للعهدِ، وذلك غيرُ جائزٍ عند أهلِ العربية، إذ (لو) حرفٌ وهما لا يدخلانِ على الحروف، وكذلك عند بعضِ رواةِ مسلمٍ «فإنَّ لوَّاً تفتحُ عملَ الشَّيطانِ» منونٌ، والصَّوابُ ما للجمهورِ:«فإنَّ لو» وقد جاءت في الشِّعر مثقَّلةَ الواوِ كقوله:
إِنَّ لَيْتاً وإنَّ لَوَّاً عَناءُ
وذلك لضرورةِ الشِّعر.
وأمَّا (لولا): فكلمةٌ تأتي لذكرِ السَّببِ المانعِ أو الموجبِ إذا كانَ لها جوابٌ، وهذا أحسنُ مِن قولِ مَن قالَ من النُّحاةِ: إنَّها تأتي لامتناعِ الشَّيء لوجوبِ غيرِهِ، فإنَّها قد تأتي لوجوبِ الشَّيءِ لوجوبِ غيرِهِ، ولامتناعِ الشَّيءِ لامتناعِ غيرِهِ؛ فأمَّا امتناعُهُ لوجوبِ