«فيضرِبُ رِواقَه فيخرُج إليه كلُّ مُنافِق» قال الحربيُّ: رَوْق الإنسانِ همّه ونفسُه إذا ألْقاه على الشَّيءِ حِرصاً عليه، ويقال: الرَّوق: الثِّقل، يعني: جمُوعَه، والرِّوَاق أيضاً كالفُسطاط والظُّلَّة، وأصلُه ما يكون بين يدَي البَيتِ، وقيل: رِواقُ البيتِ سماواته، وهو الشُّقَّة الَّتي تحت العُلْيا.
وقوله:«بابُ الرَّيَّان واختِصاصُ الصَّائمِين به»[خ¦١٨٩٦]، هو مُشتَقٌّ من الرِّيِّ لما ينال الصَّائم من العَطشِ، فسُمِّي هذا البابُ بما أعدَّ الله فيه من النَّعيمِ المُجازى به على الصَّومِ ممَّا يُروِي ممَّا لم يخطُر على قَلبِ بَشرٍ، والله أعلَم.
و «يومُ التَّروِيَة»[خ¦١٦٦] اليومُ الذي قبل يوم عرفَةَ؛ مخفَّف الياء بعد الوَاوِ، وسُمِّي بذلك؛ لأنَّ النَّاسَ يَتزوَّدون فيه الرِّيَّ من الماء بمكَّةَ.
«وشَرِبتُ حتَّى رَوِيتُ» بكَسرِ الواو، ورَوِي من الماء والشَّراب رِيّاً، ورَوِيت ماءً وشراباً أروَى بفَتحِ الواو، ومنه في الحَديثِ:«حتَّى رَوِي النَّاسُ»[خ¦٣٦٨٢]، رِيّاً بالكَسرِ في الاسمِ والمَصدرِ، وحكى الدَّاوديُّ الفتحَ في المَصدرِ، ورَوِيتِ الأرضُ من المطرِ مثلُه، وروَيت الحديث والخبر أروِيه بفَتحِ الواو في الماضِي وكَسرِها في المُستقبَل إذا حَفِظتَه أو حدَّثتَ به رِوايَة، وتكرَّرت هذه الألفاظُ فيها، والرَّواءُ ممدودٌ إذا فتَحتَ، وإذا كسَرت الرَّاء قصَرت، وهو ما يُروِي من الماءِ وغيرِه، ومَصدَر رَوِي من ذلك أيضاً.
وذكر «الرَّوايا» و «الرَّاوِيَة» هي القِربَة الكَبيرة الَّتي تروِي بما فيها، قال أبو عُبيدٍ: وهي المَزَادَة، وهما سَواء، وقال يعقوبُ: لا يقال راوِيَة إنَّما الرَّاوِية: البَعيرُ، وإنَّما يقال: المَزادَة، وهو ما زِيد فيه جِلدٌ ثالثٌ على جِلدَين، ومنه قوله:«فبعَث برَاوِيَتِها فشَرِبْنا».
وأمَّا قوله:«فأمرَ برَاوِيَتِها فأُنِيخَت» فيحتَمِل أنَّها المَزادَة؛ أي: أنيخَ البَعيرُ بها، ويحتَمِل أنَّه أراد البَعيرَ؛ لأنَّه يُسمَّى رَاوِية لحَملِه إيَّاها، ولاسْتِقاء الماءِ علَيها، كما يُسمَّى ناضِحاً لذلك، لاسيَّما على رِوايَة السَّمرقَنديِّ:«رَاوِيَتَيهَا» بالتَّثنِيَة.