وقوله في حَديثِ الهِجْرةِ:«هو يَهْدِينِي السَّبيلَ»[خ¦٣٩١١] أي: يدُلُّنِي عليه، عرَّضَ بطَريقِ الأرضِ والمرادُ طريق الآخِرةِ، وهِدايَة الجنَّة، وجاء في القُرآنِ والحَديثِ بمعنى هذا، ومنه قولُه تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾ [اللَّيل: ١٢]، ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ [فصلت: ١٧] أي: دللنَاهُم وبيَّنا لهم، وجاء بمعنَى: التَّوفيقِ والتَّأييدِ، ومنه قوله: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء﴾ [القصص: ٥٦]، ومنه في الحَديثِ:«إنَّ الله هو الهَادِي والفاتِنُ».
وقوله:«يُهادَى بينَ اثنينِ»[خ¦٦٦٤] أي: يَمشِي بينهما مُتَّكئاً عليهما، والتَّهادِي: المشيُ الثَّقيلُ مع التَّمايلِ يميناً وشِمالاً، وقد روَاه بعضُهم:«يَتَهادَى».
وقوله:«كالَّذي يُهدِي هدياً»[خ¦٩٢٩] الهدْيُ والهدِيُّ بالتَّثقيلِ والتَّخفيفِ ما يُهدَى إلى بيتِ الله من بَدنةٍ، وأهلُ الحجازِ يخفِّفونه، وهي لغةُ القُرآنِ، وتميمٌ وسُفْلى قيسٍ يُثقِّلونه، وواحدُها هَدِيَّة وهَدْيَة مُثقَّلة ومُخفَّفة، ومنه في الحَديثِ:«فقَالتْ امرَأةٌ … ما هَدْيُه»، ويُروَى:«هدِيُّه» بالوَجهَين، والتَّخفيفُ لابنِ وضَّاحٍ، وكذلك «باب من اشترَى هَدْيَه»[خ¦٢٥/ ١١٤ - ٢٦٨٠] كذا للأَصيليِّ، ولغَيرِه:«هَدِيَّةً» منوَّنة التَّاء مُثقَّلة على ما قدَّمناه.
واختَلَف الفُقهاءُ على ما ينطَلِق هذا الاسمُ، فمَذهبُنا أنَّه لا يُطلَق إلَّا على ما سِيقَ من الحِلِّ، قال ابنُ المُعدَّل: وما لم يُسَقْ من الحِلِّ فليس بهَديٍ، وقال الطَّبريُّ: سُمِّيَ الهديُ؛ لأن صاحبَه يتقرَّبُ به ويهديه إلى الله، كالهَدِيَّة يهديها الرَّجلُ لغَيرِه، فتَأوَّل بعضُهم أنَّ ظاهرَه تركُ اشتراطِ الحِلِّ، يقال منه: هدَيتُ الهدي، وكذلك هَدَيتُ المَرأةَ إلى زَوجِها، وقيل: أهدَيت، وأمَّا من الهَدِيَّة والهَدِيِّ فأهدَيت، ومن البيانِ والهُدى هدَيت.
وقوله:«هَاديةُ الشَّاةِ» أي: أَوَّلُها؛ يعني عنقَها؛ لأنه يتقدَّمُها.
وقوله في حَديثِ أبي لَهبٍ:«وسُقِيتُ في مثلِ هذِه»[خ¦٥١٠١] الإشارة بذلك إلى نقرَة ما بين إبهامِه وسَبَّابتِه، وقد جاء مُفسَّراً في الحَديثِ من روَايةِ الثِّقاتِ.