قوله في حَديثِ أقرَع وأبرَص وأعمَى:«بدَأ لله أنْ يبتليَهم» كذا ضبَطناه على مُتقنِي شيُوخِنا مَهمُوزاً؛ أي: ابتدأ اللهُ ابتِلاءَهم، يقال: بدَأ يبدَأ وابتَدَأ وأبْدَأ لُغَة أيضاً، وكثيرٌ من مشايخ المُحدِّثين ورُواةُ البُخاريِّ يروُونه:«بدا»[خ¦٣٤٦٤] مَقصُوراً، وهو خطَأ؛ لأنَّه من البَداءِ، وهو الظُّهور للشَّيءِ بعدَ أن لم يكن ظهَر قبلُ، وذلك لا يجُوز على الله تعالى؛ إذ هو المُحيطُ عِلماً بما كان وما لم يكن كيف يكون، لا يخفَى عليه شيءٌ في الأرضِ، إلَّا أن يُراد باللَّفظةِ هنا معنى أراد على تجوُّزٍ في اللَّفظِ، وقد جاء في رِوايَة مُسلمٍ:«أرادَ الله أن يبتليَهم».
وأمَّا قولُه في حَديثِ عثمانَ:«بدا لي ألَّا أتزوَّجَ»[خ¦٤٠٠٥] فهذا بمعنَى ظهَر لي ما لم يَظهَر، وهذا يليقُ بالبَشرِ وأن يرَى رأياً بعدَ أن لم يرَه، والاسمُ منه البَدأ، يُمدُّ ويُقصر، والمدُّ أكثَر.
وقوله:«فأُتِيَ ببدْرٍ فيه خَضِرَاتٌ»[خ¦٨٥٤]، وفي رِوَاية:«فيه بَقْل»، كذا هي الرِّواية الصَّحيحةُ، «بدر» بالباء والدَّال؛ أي: بطَبقٍ، وكذا رواه أحمدُ بنُ صالحٍ عن ابنِ وَهبٍ في حَديثِه [خ¦٨٥٤]، وفسَّره بما تقدَّم، وذكَر البُخاريُّ أيضاً أن ابنَ عُفيرٍ قالَه عن ابنِ وَهبٍ:«بقِدْرٍ»[خ¦٨٥٥] بالقاف، وذكَر غيرُه مِثلَه عن أبي الطَّاهر وحَرمَلةَ عنه، والأوَّلُ الصَّوابُ.
قوله:«خرَجتُ بفَرسِ طَلحَةَ أُبدِّيه» كذا روَاه بالباء بعضُهم عن ابنِ الحذَّاء، وكذا قالَه ابنُ قُتيبَةَ؛ أي: أخرجُه إلى البَدوِ، وأبرزُه إلى مَوضعِ الكَلَأ، وكلُّ شيءٍ أظهَرْته فقد أبدَيتَه، وروَاه سائرُهم:«أنَدِّيه» بالنُّون والدَّال مُشدَّدة، وهو قولُ أبي عُبيدٍ، وهو أن تُوردَ الماشِيةُ الماءَ فتبقَى قليلاً، ثمَّ تُردُّ إلى الرَّعيِ ساعَةً، ثمَّ تُردُّ إلى الماءِ.
وفي حَديثِ جابرٍ ﵁:«فنحَرَ ثلاثاً وستِّين بَدَنةً» كذا لابنِ ماهانَ بالنُّونِ، ولغَيرِه:«بيَدِه» بالياء، والأوَّلُ الصَّوابُ، وبَقِيةُ الحَديثِ يدُل عليه، وإن كانا صَحِيحي المَعنَى.
وفي (باب مَنْ لبِس جُبَّةً ضيِّقةَ الكُمَّينِ): «فأخْرَج يَدهُ مِن تَحْتِ بَدَنهِ» كذا لهم، والبدنُ دِرعٌ قصيرةٌ عند أهلِ اللُّغةِ، والمُرادُ بها هنا غيرها من الثِّيابِ، كما جاء عند ابنِ السَّكنِ:«من تحت جُبَّته»[خ¦٤٤٢١].
في غزوَةِ بَدر قول البَراءِ ﵁:«استُصْغِرتُ أنا وابنُ عمرَ يومَ بدرٍ»[خ¦٣٩٥٦] كذا جاء هنا،