والإباحةُ كالنُّهبَى وما لا يردُّ عنه مُريدُه، ومنه: الشَّيء المُباحُ في الشَّرعِ؛ أي: الَّذي لم يَمنَع منه مانعٌ، وتُرِك لمن أراد فِعلَه أو تَركَه، وخَضراؤُهم جماعتُهم، وسنَذكُره مُفسَّراً في حَرفِ الخاءِ، إن شاء الله تعالى.
٢٢٥ - (ب ي د) قوله: «بَيْدَ أنَّهم أُوتُوا الكِتابَ من قَبْلنا»[خ¦٨٧٦] بفَتحِ الباء والدَّالِ لا غير وسكون الياء، معناه هنا:(غير)، وقيل:(إلَّا)، وقيل:(على)، وتأتي بمعنى (من أجل)، ومنه قوله في الحَديثِ الآخَرِ:«بَيْدَ أنِّي من قريش»، وقد قيل ذلك في الحَديثِ الأوَّلِ وهو بَعِيدٌ، وقد تقدَّم الكَلامُ عليه والخلاف فيه في حَرفِ الهَمزةِ، وفيها لُغَة أُخرَى:«مَيْدَ» بالميم.
وقوله:«بَيدَاؤُكم هذه»، وذكر «البَيدَاء»[خ¦٣٣٤]، و «بيداء المَدينةِ»، و «بيداء مكةَ»[خ¦١٢٨٧] هي المَفازَة والقَفرُ، وكلُّ صَحراء بَيدَاء، وجمعُها بِيدٌ.
و «البَيدر … والبَيادِر»[خ¦٢٧٨١] بفتح الباء ذُكِرَتْ في الحديث: هي للتَّمر كالأنادِر للطَّعام، يجمَع فيها إذا جُذَّ، ويُسمَّى الجَرينُ أيضاً والجوخان، وقوله:«بَيْدِرْ كلَّ تمرٍ على حِدَته»[خ¦٢٧٨١] أي: اجعل لكُلِّ صِنْفٍ بَيدَراً ولا تخلِطْ به غيرُه.
وقوله:«أُبِيدَت خَضْراء قُريشٍ» أي: أهلِكَت، وهو قرِيبٌ من الرِّوايةِ الأُخرَى:«أبِيحَت».
٢٢٦ - (ب ي ن) قوله: «إنَّ من البيانِ لَسِحْراً»[خ¦٥٧٦٧] فيه وَجهَانِ، قيل: مَقصدُه به الذَّم؛ لأنَّه يَصرِفُ الحقَّ إلى صُورةِ الباطلِ والباطلَ إلى صُورةِ الحقِّ كالسِّحرِ الَّذي يقلِبُ العَين، وسِياقُ الحَديثِ وسَبَبه قد يشهَد لهذا التَّأويلِ، وقيل: هو على المَدحِ والثَّناءِ عليه، وإنَّما شَبَّه بالسِّحر لصَرفِ القُلوبِ به، ومنه قالوا فيه: السِّحرُ الحلالُ، والبَيانُ هو الفَهمُ وذكاءُ القَلبِ مع اللَّسْنِ، والبَيانُ أيضاً الظُّهورُ، ومنه: بان لي كذا وتبيَّن لي كذا وبيَّن لي كذا بَيْنَاً وبياناً.
وقوله:«أَبِنِ القَدَحَ عن فِيكَ» قال بعضُهم: أخِّرْه مِن بانَ عنه؛ أي: فارَقه وبَعُدَ أيضاً عنه، والبَينُ الفِراقُ والبُعدُ، والبَينُ أيضاً الوَصلُ، ومنه: ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ [الأنعام: ٩٤].
وقوله:«بينا أنا في أمْرٍ»[خ¦٤٩١٣] أي: بينما أنا، وكأنَّه من البَينِ الَّذي هو الوَصلُ؛ أي: أنا مُتَّصِل بفِعلِه، والتَّبَيُّن التَّثَبُّت، وقُرِئ ﴿فَتَبَيَّنُواْ﴾ [الحجرات: ٦] و ﴿فتثبَّتوا﴾ [الحجرات: ٦].
وقوله:«ليسَ بالطَّويلِ البائِن»[خ¦٣٥٤٨] أي: المُفرِطُ في الطُّول، كأنَّه من