في حديثِ سلمةَ:«قلَّ عربيٌّ مَشى بها مثلُه» كذا للعُذْريِّ: بفتح الميم، فعلٌ ماضٍ، وأكثرِ رواةِ البخاريِّ في كتابِ الجهادِ [خ¦٤١٩٦]، وعند المَروزيِّ والفارسيِّ:«مُشابهاً»: بضمِّ الميم، قال الأَصِيليُّ: كذا قرأه أبو زيدٍ، الكلمةُ كلُّها اسمٌ وصِفَ من الشَّبَهِ، وقد ذكرَه البخاريُّ أيضاً من روايةِ قتيبةَ:«نشأ بها»[خ¦٤١٩٦] بالنُّون، مهموزُ الآخرِ، بمعنى شبَّ وكبِرَ. و «بها» بمعنى: (فيها)؛ يعني: الحربَ، وكذا لجميعِهم في (باب الشِّعْرِ والرَّجَزِ)، ويحتملُ أن يريدَ «بها» أي: بهذه البلادِ وهذه الرِّوايةُ أشبهُ بالمعنى وأبينُ، والرِّوايةُ الأولى لها وجهٌ، ويريدُ بها بالحربِ أيضاً، وأمَّا روايةُ المروزيِّ والفارسيِّ فبعيدةٌ غيرُ مستقلَّةِ اللَّفظِ والمعنى.
وقوله:«قد كان مَن قبلَكُم يُمشَطُ بأمشاطِ الحديدِ»[خ¦٣٦١٢] وفي كتاب القابسيِّ: «بمِشاط»[خ¦٣٨٥٢] ولا يعرَفُ.
في (من نذرَ مشياً إلى بيتِ الله) قولُه: «فقالوا: عليك مشْيٌ» كذا وقعَ للقعنبيِّ، وعندَ يحيى بن يحيى ويحيى بن بُكَيرٍ وغيرهِما:«هَدْيٌ» وهو الصَّوابُ؛ بدليلِ ما بعدَه من مخالفةِ علماءِ أهلِ المدينةِ.
[الميم مع الهاء]
١٢٧٥ - (م هـ م هـ) قوله: «مَهْ مَهْ» كلمةُ زجْرٍ مكرَّرةٌ، وتُقالُ مفردةً، قيل: أصلُه: ما هذا؟، فاستخفَّتِ العربُ طرحَ بعضِ الكلمتَينِ، وردُّوها واحدةً، ومثلُه:«بَه بَه» بالباءِ أيضاً، وقال ابن السِّكِّيتِ: هي لتعظيمِ الأمرِ؛ بمعنى:«بخٍ بخٍ»[خ¦٧٣٢٤]. ويُقال بسكونِ الهاءِ فيهِما، وتنوينِه بالكسرِ فيهما، وبتنوينِ الأوَّلِ وكسرِ الثَّاني دونَ تنوينٍ، كقولِه:«مَهْ إنَّكُنَّ صواحبُ يوسُفَ»[خ¦٦٧٩] زجرٌ وإسكاتٌ لهنَّ.
وقوله:«فقالت الرَّحِمُ: مَهْ، هذا مقامُ العائذِ بكَ» * [خ¦٤٨٣٠] قال بعضُهم: وظاهرُ الكلامِ مخاطبتُها اللهَ، ولا يصِحُّ زجْرُها له، ويُحمَلُ على ردِّها لمن استعاذتْ منه، وهو القاطِعُ، لا إلى المستَعاذِ به سبحانَه، وهو في الحقيقةِ ضربُ مَثَلٍ واستعارةٌ؛ إذ الرَّحِمُ إنَّما هي معنًى من المعاني؛ وهو النَّسبُ والاتِّصالُ الذي بين ذوي الأرحامِ، وإذا كان هذا لم يحتجْ إلى تأويلِ «مه».