وقولُه في الحديث الآخَرِ:«ويَقْبِضُ أصَابِعَه ويَبسُطُها ويقول: أنا الملِكُ» تقدَّم في حرف الهمزةِ مَعنى الإصبع في حقِّ الله تعالى وتنزيهِه عن الجارحة، وإذا كان ذلك، وجُعلت الأصابعُ بعضَ مخلوقاتِه أو نعمِه؛ صحَّ فيها القبضُ والبسطُ، ويرجِع القبضُ والبسطُ يتصرَّفُ في كلِّ ما يليقُ به، فقد يرجع القبضُ في حقِّ الأرضِ إلى جمعِها أو إذهابِها، وتكونُ هي بعضَ الأصابع؛ إذ هي إحدى مقدُوراتِه ونعمِه للعبادِ، وأنَّه جعلَها لهم ﴿كِفَاتًا. أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥ - ٢٦] وجعل فيها تصرُّفاتِهم وأرزاقَهم، ويكون بسطُها مدَّها كما قال: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ﴾ [الانشقاق: ٣] أو خلَق أخرى مكانَها، كما جاءت به الأحاديثُ والآياتُ في ذلك، والله أعلمُ بمرادِه.
وقولُها:«فأرسَلتْ إليه أنَّ ابناً لي قُبِض»[خ¦١٢٨٤] أي: تُوفِّي، وفي الحديثِ بعدُ:«فجاء النَّبيُّ ﷺ … ونفْسُه تَقَعْقَعُ»[خ¦٧٣٧٧] يُبيِّنُ أنَّ معنى قُبِض أنَّه في حال الموتِ وفي سبيله.
١٨٩٦ - (ق ب س) جاء ذِكرُ: «القَبَس»[خ¦٦٠/ ٢٢ - ٥٢٠٨] وهو العُودُ في طرفِه النَّارُ، وهي الجَذوةُ، وقَبسْتُ منه ناراً أو خبراً أو عِلْماً فأَقْبَسَني؛ أي: أعطاني ذلك، واقتَبَستُ منه عِلماً وغيرَه أيضاً.
١٨٩٧ - (ق ب ي) قولُه: «قَدِمَت … أَقْبِيَةٌ»[خ¦٥٨٦٢]، و «قَبَاء من دِيباجٍ»[خ¦٣٨٦٥] هو واحدُ الأقبيةِ، وأصلُه من ذوات الواو؛ لأنَّه من قَبَوْت إذا ضَمَمتَ، والأقبيةُ: ثيابٌ ضيِّقةٌ من ثياب العَجَمِ معلومةٌ.
فصلُ الاخْتلافِ والوَهمِ
قوله في حديث جابرٍ:«فلمَّا أقبلْنا تعجَّلتُ على بعيرٍ لي قَطُوفٍ» كذا هو لابنِ الحذَّاءِ في حديث مسلمٍ عن يحيى بن يحيى، ولغيرِه:«أقفلْنا»، وصوابُه:«قَفلْنا»[خ¦٥٠٧٩].
وقولُه في مثَل النَّبيِّ ﷺ لِمَا بُعِث به من الحكمةِ:«وكانت منها طائفةٌ … قَبِلَتِ الماءَ» كذا في كتابِ البخاريِّ أوَّلَ الحديثِ بباءٍ بواحدةٍ * [خ¦٧٩]، ثمَّ قال آخِرَ الحديثِ:«وقال إسحاقُ: قَيَّلَتِ الماءَ» بياءٍ مشددةٍ باثنتَين تحتَها، كذا قيَّدهما الأَصيليُّ هنا، ولسائر الرُّواةِ هنا مثلُ الأوَّلِ بباءٍ بواحدةٍ، وكذا للنَّسفيِّ.
وزعَم الأَصيليُّ أنَّ ما لإسحاقَ في روايته تصحيفٌ، قال غيرُه: وهي صحيحةٌ، معناها: جمعَتْ وحبسَتْ الماءَ وروَّت، وقال غيرُه: قيَّلَت بمعنى: شرِبت، والقَيلُ: شُربُ نصفِ النَّهارِ.