أوَّلاً الاعترافَ بحُسْنِ ما جاء به، ثمَّ أدخل فيه شكَّاً بقوله:«إنْ كان حقَّاً»!
وقولُ عليٍّ:«ما كنتُ أقيمُ على أحدٍ حدَّاً فيموتَ فأجدَ منه في نفسي، إلَّا صاحبَ الخمرِ؛ لأنَّه إنْ ماتَ وَدَيتُه»[خ¦٦٧٧٨] كذا في النُّسخ، قال بعضُهم: الوجه: «فإنَّه إنْ مات وَدَيتُه».
وقوله في حديث الشَّجرتَين:«فلَأمَ بينهما» كذا لهم مهموزٌ مقصورٌ، وقد فسَّرناه، وعند ابنِ عيسى:«فلاءَم بينهما» ممدودٌ، وكلاهما صحيحٌ بمعنىً، وعند أبي بحرٍ عن العُذْريِّ:«فأَلَام بينهما» بغير همزٍ رباعيٌّ، وهو بعيدٌ في هذا، إلَّا أن يكونَ مِن ألْأَم، فسَهَّلَ الهمزةَ ثمَّ نَقلَ الحركةَ إلى اللام السَّاكنةِ، كما قيل: الأرضُ، والأمرُ.
اللَّام مع الباء
١١٢٠ - (ل ب ب) قوله في التَّلبية: «لبَّيكَ»[خ¦١٥٤٩] معناه: إجابةً لك، وهو تثنيةُ ذلك، كأنَّه قال: إجابةً لك بعد إجابةٍ، تأكيداً، كما قالوا:«حنانَيكَ»، ونُصِبَ على المصدرِ، هذا مذهبُ سيبُويه وكافَّةِ النُّحاة، ومذهبُ يونُسَ أنَّه اسمٌ غيرُ مثنَّى، وأنَّ ألِفَه انقلبت؛ لاتِّصالها بالمضمَر، مثل: لديَّ وعليَّ، وأصله: لبَّبَ، فاستثقلوا الجمعَ بينَ ثلاثِ باءاتٍ، فأَبدلوا الثَّالثةَ ياءً، كما قالوا: تظنَّيتُ من تظنَّنتُ؛ ومعناه: إجابتي لك يا ربِّ لازمةٌ، مِن لبَّ بالمكان وألبَّ به؛ إذا أقام، وقيل: معناه قرباً منك وطاعةً، قال الحربيُّ: والإلباب: القُرْبُ، وقيل: طاعةً لك وخضوعاً، من قولهم: أنا مُلِبٌّ بين يدَيكَ؛ أي: خاضعٌ، وقيل: اتِّجاهي لك وقصدي، من قولهم: داري تُلِبُّ دارَكَ؛ أي: تواجِهُها، وقيل: محبَّتي لكَ يا ربِّ، من قولهم: امرأةٌ لَبَّةٌ: للمحبِّ لولدها، وقيل: إخلاصي لك يا ربِّ، من قولهم: حَسَبٌ لُبابٌ؛ أي: محضٌ …
وفي الحديث:«فلبَّبْتُه برِدائه»[خ¦٤٩٩٢] إذا جمعَ عليه ثوبَه عند صدرِه في لَبَّته، وأمسكه وساقَه به، بتشديد الباء وتخفيفِها معاً والتَّخفيفُ أعرفُ.
واللَّبَّة: المَنْحَر، ومنه:«الذَّكاةُ في الحَلْقِ واللَّبَّةِ»[خ¦٧٢/ ٢٤ - ٨٢٠٤]، و «طعن في لَبَّاتِها»، أي: نحورها، و «لُبُّ الرجلِ الحازمِ»[خ¦٣٠٤] و ﴿أُوْلُواْ الأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ٢٦٩]: أولوا العقول، واللُّبُّ: العقل.