بمعنى الكَنَف والسِّتر والعِزِّ، وقد يكون بمعنَى: في خاصَّته ومن يُدنى مَنزلته ويخصُّه بكرامَته في المَوقفِ، وقد قيل مثلُ هذا في قوله:«السُّلْطَانُ ظِلُّ الله في الأرْضِ» أي: خاصَّتُه، وقيل: سِترُه، وقيل: عِزُّه، وقد يكون بمعنَى الرَّاحة والنَّعيم، كما قيل: عَيشٌ ظَلِيل؛ أي: طيِّبٌ، ومنه الحديثُ الآخَر:«في الجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّها كذا»[خ¦٣٢٥١]، قيل: في ذَرَاها وكَنفِها، ويحتمل أن معناه: في رَوْحِها ونَعِيمِها.
وقوله:«أظَلَّهمُ المُصَدِّقُ»، و «قد أظَلَّ قَادِماً»[خ¦٤٤١٨]، و «أظلَّنا يومُ عرفَةَ» * [خ¦١٧٨٣]، أي: غشِيَهم، أظلَّه كذا؛ أي: دنَى منه، كأنَّه ألبَسَه ظِلَّه، ومنه: قد أظَلَّ؛ أي: غَشِي أو كاد.
وقوله في البَقرَة وآل عِمران:«كأنَّهما ظُلَّتانِ أو غَمَامَتَانِ» بمعنًى مُتقاربٍ، الظُّلَّة: السَّحابَة، وجمعها: ظُلَل، ومنه: ﴿عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ [الشعراء: ١٨٩]، ومنه:«رأيتُ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ والعَسَل»[خ¦٧٠٤٦] أي: سَحابَةً، ومنه:«كالظُّلَّةِ من الدَّبْر»[خ¦٣٠٤٥] أي: السَّحابة منها.
وقوله:«الجنَّة تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ»[خ¦٢٨١٨] معناه: أنَّ شُهرة السُّيوف والضَّربَ بها موجِب لها، فكأنَّها معَها وتحتَها.
وقوله:«ما زَالَتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بأجْنِحَتِها»[خ¦١٢٤٤] يحتَمِل وجهَين: أنها أظلَّتْه لئلَّا تغيِّره الشَّمس إكراماً له، والآخرُ وهو أظهرُ: تزاحُمَها عليه للرَّحمة عليه والبرِّ به.
وقوله في الهِجرَة:«لها ظِلٌّ لم تَأتِ عليه الشَّمسُ»[خ¦٣٦١٥] أي: لم تفِئ عليه، وهذا تفسِيرُ معنى الظِّلِّ، والفَرقُ بينه وبين الفَيءِ؛ أنَّ الظِّلَّ: ما كان من غُدْوة إلى الزَّوال ممَّا لم تصِبْه شمسٌ، والفَيءُ: من بعد الزَّوال ورجُوعِه إلى المَشرِق من المغرِب ممَّا كانت عليه الشَّمس قبلُ.
وقوله:«يَظَلُّ الرَّجُل شاخِصاً» * [خ¦٦٠٨] أي: يصير، يقال: ظَلِلتُ بكسر اللَّام أفْعَل كذا أظَلُّ بفتح الظَّاء إذا فعَلْته نهاراً، وظَلْتَ وظِلْتَ بالفَتحِ والكَسرِ، قال الله تبارك تعالى: ﴿ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا﴾ [طه: ٩٧]، ولا يقال في غير فِعل النَّهار، كما لا يقال باتَ إلَّا لفعل اللَّيل، ويقال طَفِق فيهما جميعاً، ويكون ظَلَّ يَفعَل كذا بمعنى: دام، قاله صاحبُ «الأفعال» وغيرُه. وقوله:«وعلى رَسولِ الله ﷺ ثَوْب قد أُظلَّ به»[خ¦١٥٣٦] أي: جُعِل ليكونَ له ظلَّاً يَقِيْهِ الشَّمسَ.