قال: الحياةُ به أو العيشةُ فيه خَضِرةٌ؛ أي: ناعمةٌ مُشتَهاةٌ، أو:«إنَّ الدُّنيا خَضِرَةٌ حُلوةٌ» كما جاءَ في الحديثِ الآخرِ، وأمَّا من روى:«إلَّا آكِلةَ الخَضِرَةِ» فصحيحُ المعنَى؛ أي: النَّباتِ الأخْضرِ النَّاعمِ، وإنْ كانَتِ الرِّوايةُ الأُولى أعرَفُ.
وفي حديثِ الثُّوم والبَصَلِ:«أُتيَ بقِدْرٍ فيه خَضِراتٌ»[خ¦٨٥٥] بفتحِ الخاءِ وكسرِ الضَّادِ منه، جمعُ: خَضِرةٍ؛ أي: بُقولٌ خَضِرةٌ، كما جاءَ في الحديثِ الآخرِ:«فيه بَقْلٌ» والعربُ تقولُ للبُقولِ: الخَضْراءُ، وضبطَه الأَصيليُّ:«خُضَراتٌ» بضمِّ الخاءِ وفتحِ الضَّادِ.
وقوله:«أُبيحَتْ خَضْراءُ قُرَيشٍ» كذا جاءتِ الرِّوايةُ في مسلمٍ بالخاءِ، وكذا ذكرَه البخاريُّ أيضاً، ومعناه: جماعتُهم وأشْخاصُهم وحالُهم، والعربُ تُكنِّي عن الخُضرةِ بالسَّوادِ، وعن السَّوادِ بالخضرةِ، وعن الأشخاصِ بالسَّوادِ، ومنه: سوادُ العراقِ؛ أي: المعمورُ منها بالشَّجرِ، وقالَ الله تعالى: ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ [الرَّحمن: ٦٤] أي: شديدةُ الخُضرةِ منَ الرِّيِّ، والأصمعيُّ وغيرُه يقولُ: إنَّما تقولُ العربُ: غَضْراؤُهم، بالغينِ المعجَمةِ؛ أي: خَيرُهم، والغَضارةُ: العيشُ النَّاعمُ.
وفي حديثِ الخَضِرِ:«أنَّه جلَسَ على فَروةٍ بيضاءَ، فإذا هي تهتَزُّ تحتَه خضِراً» كذا للرُّواةِ؛ أي: نباتاً أخضرَ غَضّاً، وفي روايةِ الكِسائيِّ:«خَضراءَ»[خ¦٣٤٠٢] وكلاهما صحيحٌ، والفَرْوةُ: الأرضُ التي لا نباتَ فيها، وقيل: الحشيشُ اليابسُ، وفي الحديثِ الآخَرِ:«ورأى رَفْرَفاً أخضرَ»[خ¦٣٢٣٣]، الخُضْرةُ معلومةٌ في الألوانِ، ومثلُه: ﴿وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا﴾ [الكهف: ٣١]، وفي روايةِ غيرِ الأَصيليِّ:«رَفْرَفاً خَضِراً» أي: أخْضرَ، والعربُ تقول: أَخضَرُ خَضِرٌ، كما تقولُ: أعورُ عَوِرٌ، ولغيرِهم:«خضْراء»، والأوَّلُ أشهرُ وأصوبُ.
وقوله في قبرِ المؤمنِ:«ويُملأُ عليه خَضِراً» أي: نِعَماً غضَّةً ناعمةً، وأصلُه من خُضْرةِ الشَّجرِ.
وقوله في تفسيرِ الحنتَمِ:«الجرُّ الأخضَرُ»[خ¦٥٥٩٦] قيل: معناه: المزفَّتُ الأسودُ من أجلِ ذلك، والعربُ تُسمِّي الأسودَ: أخضرَ، وقيل: بل هو من خُضرةِ اللَّونِ المعلومةِ، ويدُلُّ عليه قولُه:«الأخْضرُ أو الأبيضُ»، وقولُه:«ومرَّ رسولُ الله ﷺ في كتِيبتِه الخَضْراءِ» يُقال: كتيبةٌ خَضْراءُ إذا علاها الحديدُ، وخُضْرتُه سَوادُه.