روحُ المؤمنِ؛ قولُه:«صلَّى الله عَليكِ وعلى جَسَدٍ كنت تَعْمُرينَهُ» كذا للسِّجزيِّ والسَّمرقنديِّ، وعند العذريِّ:«تعمرُ فيه» وكلاهُما صحيحٌ، والأوَّل أوجَه.
العينُ مع النُّونِ
١٦٥٠ - (ع ن) قوله: «أكرَهُ أن أشرَبَ عن يَدِه» يريد: من يدِه.
«عَن»: اعلَمْ أن «عَن» حرفٌ جارٌّ مثلُ: «مِن»، قالوا: وهيَ بمعنَى: «مِن» إلَّا في خصائصَ تخصُّها، إذ فيها من البيانِ والتبعيضِ نحوُ ما في:«مِن»، قالوا: إلَّا أنَّ «مِن» تقتضِي الانفصالَ في التَّبعيضِ، و «عَن» لا تقتضِيه، تقول: أخذتُ من زيدٍ مالاً، فتقتضِي انفصَالَه، وأخذتُ عنه علماً، فلا تقتضِي انفصالاً، ولهذا اختصَّتِ الأسانيدُ بالعنعنةِ، وهذا غيرُ سديدٍ، وإن كان قالَه مقتدًى به؛ لأنَّه يصحُّ أن تقولَ: أخذتُ من علم زيدٍ، وأخذتُ منه عِلماً، فلا تقتضِي انفصالاً، وأخذتُ عن زيدٍ ثوباً فتقتضِي انفصالاً، وقد حكَى أهلُ اللِّسانِ: حدَّثني فلانٌ مِن فلانٍ، بمعنَى: عنه، وإنَّما الفرقُ بين الانفصالِ والاتِّصال فيهما فيما يصحُّ منه ذلك، أو لا يصحُّ، لا مِن مقتضَى اللَّفظَتينِ.
وقوله:«اقتَصِرُوا عَن قَواعِد إبراهيمَ»[خ¦١٥٨٣] أي: من قواعِدِه ونقِّصُوا منها؛ فهيَ هنا بمعنَى «مِن»، وقد تأتِي «عَن» اسماً يدخلُ عليها حرفُ الخفضِ، قالوا: ومنه يقال: أخذتُ الثَّوبَ مِن عَنه، قال القاضِي ﵀: وقد يقال: إنَّ «مِن» هنا زائدةٌ، ولأنَّها تدخلُ على جميعِ الصِّفاتِ عندَهم إلَّا على «البَاء» و «اللَّام» و «في» لقلَّتها؛ فلم تتوهَّم العربُ فيها الأسماءَ توهُّمَها في غيرِها من الصِّفاتِ، وقد جاءَت «عَن» بمعنى: «عَلَى» كما قال:
لاهَ ابنِ عَمِّك لا أفضَلْتَ في حسَبٍ … عنِّي ..................
أي: عليَّ، وجاءَ مثلُه كثيراً في الأحاديثِ، كقوله في حديثِ السَّقيفةِ:«وخَالَف عنَّا عليٌّ والزُّبير»[خ¦٦٨٣٠]؛ أي: علينا، وقد فسَّرناه في الخاءِ.
وقوله في خبرِ أبي سفيانَ:«لكذَبتُ عنه»[خ¦٧]؛ أي:«عَلَيه» كما جاءَ في الرِّوايةِ الأخرَى.
وقوله:«كَتمتُ عنكُم حديثاً»؛ أي:«عليكُم» كما جاءَ في الرِّوايةِ الأخرَى، وفي الجنائزِ:«لمَّا سَقَطَ عنهُم الحائطُ» كذا للكافَّةِ، وعندَ القابسيِّ وعبدوسٍ:«عليهم»[خ¦١٣٩٠] وهما بمعنًى، وقد تكونُ عنهم؛ أي: عن القبورِ المشارِ إليها في الحديثِ، و «عليهم» على بابِها.